خلال فترة حساسة من تاريخ الحرب الباردة تميّزت بتزايد حدة التوتر بين المعسكرين الشرقي والغربي عقب نجاح الثورة الكوبية وانتصاب نظام شيوعي موالي لموسكو على بعد 500 كلم فقط من ميامي، حلّ القائد السوفيتي نيكيتا خروتشوف بالولايات المتحدة الأميركية يوم 15 أيلول/سبتمبر 1959 للقاء نظيره الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور أملا في تخفيف حدة التوتر بين البلدين عقب أزمات عديدة مرت بها العلاقات الثنائية منذ مطلع الخمسينيات.
وأثناء هذه الزيارة، قام خروتشوف، رفقة زوجته، بجولة قادته يوم 19 أيلول/سبتمبر 1959 نحو لوس أنجلوس. وهنالك، اتجه القائد السوفيتي لزيارة أستوديوهات توينتيث سينشوري فوكس (20th Century Fox) بهوليوود أين التقى في البداية بعدد من أبطال فيلم كن كن (Can-Can) من أمثال شيرلي ماكلين (Shirley MacLaine) وجولييت بروزي (Juliet Prowse). أيضا، التقى خروتشوف بالممثل والمغني الأميركي فرانك سيناترا (Frank Sinatra) وتناول معه طعام الغداء ضمن أجواء طيبة حيث استقبل هذا الممثل الأميركي المخضرم القائد السوفيتي بحفاوة.
إلى ذلك، تعكرت الأجواء عقب لقاء مدير توينتيث سينشوري فوكس السيد سبيروس سكوراس (Spyros P. Skouras) بالقائد السوفيتي نيكيتا خروتشوف بقاعة البلدية.
فبسبب عدائه الشديد للأنظمة الشيوعية، لم يتمالك سبيروس سكوراس نفسه عند مشاهدته لخروتشوف لينطق أمام الحاضرين بعبارات “الاتحاد السوفيتي سيقوم بردم الرأسمالية” مذكرا بذلك القائد السوفيتي بخطابه الشهير الذي ألقاه منذ فترة. أيضا، تحدّث سكوراس قائلا إن لوس أنجلوس لن تردم أي شيء وأنها ستواجه بحزم كل التحديات التي ستجبر على خوضها.
ومع سماعه لهذه العبارات، استشاط نيكيتا خروتشوف غضبا واتهم المسؤولين الأميركيين باستغلال سكوراس لتنظيم حملة كان الهدف منها تشويه سمعته وسمعة بلاده على النطاق العالمي. أيضا، رد خروتشوف على عبارات سكوراس قائلا إن بلاده لن تمانع في مواصلة سباق التسلح مع الأميركيين وأن صواريخها مستعدة لنشر الموت إذا اقتضى الأمر.
لاحقا، تزايدت حدة التوتر بالمكان عندما علم خروتشوف بعدم قدرته على زيارة ديزني لاند (Disneyland). فعلى حسب تصريحات المسؤولين الحكوميين، تخوفت السلطات الأمنية الأميركية من وجود تهديد لسلامة خروتشوف بسبب الأعداد الغفيرة للجماهير بالمكان.
أمام هذا الوضع، وصف خروتشوف الأمر بالمخزي مؤكدا على رغبته الشديدة بزيارة ديزني لاند. أيضا، تساءل القائد السوفيتي عن سبب عدم قدرة قوات الأمن على توفير الحماية الكافية له بديزني لاند كما سخر من الواقعة متحدثا عن إمكانية انتشار الكوليرا أو سيطرة عصابات مسلحة على المكان.
صبيحة اليوم التالي، غادر خروتشوف لوس أنجلوس غاضبا ليواصل جولته بكاليفورنيا قبل أن ينتقل فيما بعد نحو العاصمة واشنطن.