تتواتر أنباء وصول الاتفاق النووي إلى مراحل متقدمة، مما يفسر تراجع الموقف الأممي والدول الكبرى عن مواقفها المتشددة تجاه ميليشيا الحوثي الإرهابية، وكأنها تحاول تجاهل جرائم هذه الميليشيا في سبيل استمرار دفة مفاوضات فيينا.
ولقد تبين جلياً، انخفاض التصعيد الدولي عند إحاطة المبعوث الأممي إلى اليمن «هانس غروندبرغ» أمام مجلس الأمن، الذي أعاد لهجة الأمم المتحدة التقليدية حيال ملف اليمن، والتعامل مع «الحوثيين» كأحد الأطراف السياسية، في مؤشر على تراجع المواقف المتشددة تجاه إرهاب «الحوثي» في دلالة على استخدام إدارة بايدن وأوروبا ملف اليمن كورقة تفاوضية في مفاوضات فيينا، وطالما هناك تقدم في المباحثات، فلا توجد حاجة للتصعيد مع «الحوثيين» وإدانة أعمالهم الإرهابية، أو تصنيفهم منظمة إرهابية، وفرض العقوبات على قادتهم، في تخلٍ واضح عن استراتيجية الضغط على «الحوثيين».
تسربت عبر وسائل إعلامية عديدة، أخبار رفع العقوبات عن إيران، وقرب استكمال الاتفاق النووي، استذكرت بها منهج إدارة أوباما، التي تسير عليه اليوم إدارة بايدن، والتي أزاحت – بدورها في بداية عهد الرئيس جو بايدن – «الحوثيين» من قائمة الإرهاب الأميركية، ويبدو أنها تتفاوض بورقة «الحوثي» في فيينا، بينما كانت اللهجة الغاضبة والاستنكار الشديد، لاستهداف «الحوثيين» الأخير للمدنيين في الإمارات والسعودية، بمثابة امتصاص لغضب التحالف العربي، ولحفظ ماء وجه واشنطن، التي أخطأت استراتيجياً في قراراتها حول «الحوثي»، الذي زاد تعنته بعد خروجه من القوائم الإرهابية الأميركية.
وبرغم انطباق معايير الإرهاب على جرائم «الحوثي»، ودعوات 90 منظمة حقوقية للجمعية العامة للأمم المتحدة، لتصنيف «الحوثي» منظمة إرهابية، إلا أن الموقف الدولي المتباطئ، يشجع «الحوثيين» على الاستمرار في استهداف المدنيين، بسبب غياب العقاب الدولي الرادع، آخرها ارتكاب «الحوثيين» جريمة بحق الإنسانية، عندما استهدف بصاروخ باليستي مدنيين آمنين يصلون في مسجد بمنطقة العلم، غرب مديرية عتق بشبوة، وتسبب في استشهاد وجرح العشرات بينهم أطفال، في مجزرة جديدة تضاف لسجل «الحوثي» الإرهابي.
وليس بغريب على الميليشيا المارقة استهداف الأطفال، وهم من جنّد 35 ألف طفل منذ عام 2014، واستخدموا المدارس والمساجد والمخيمات الصيفية، لغسل أدمغة ما لا يقل عن 60 ألف طفل.
دعت مجموعة مؤلفة من 17 عضواً في الكونجرس، من الحزبين «الجمهوري» و«الديمقراطي» إلى إعادة «الحوثيين» إلى التصنيف الإرهابي، في رسالة وُجهت إلى الرئيس جو بايدن، مؤكدين أن إلغاء التصنيف لم يُحسّن الوضع الإنساني في اليمن، بل أدى إلى تصاعد العنف، وعليه فشل الأهداف الإنسانية التي استخدمتها واشنطن، كسبب رئيسي لإلغاء تصنيف «الحوثيين» كمنظمة إرهابية. مهادنة «الحوثي» جريمة لن تحقق إلا مضيعة الوقت، وإبقاء الإرهاب تحت المظلة الدولية، سيشجع على تصاعد التنظيمات الإرهابية الأخرى، وسيحفز «الحوثي» على المزيد من العنف، فهل ستقف الأمم المتحدة والدول الكبرى صامتة، أمام قتل الأطفال واستهداف دور العبادة، في سبيل إنجاح مفاوضات فيينا؟!
* نقلا عن “الاتحاد”