إن أهم مراحل دولتنا الحبيبة تبدأ من عام 850هـ عند تأسيس الدرعية، وفي عام 1139هـ كان تأسيس الدولة السعودية الأولى على يد الإمام محمد بن سعود.. في عام 1240هـ تم فيه تأسيس الدولة السعودية الثانية على يد الأمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود وعاصمتها الرياض.. وفي العام 1319هـ يأتي تأسيس المملكة العربية السعودية بشكلها الحالي على يد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود.. في عام 1351هـ كانت مرحلة توحيد البلاد حيث شهد ذلك التاريخ توحيد المناطق الخاضعة لسيطرة الملك عبدالعزيز ويعد هذا اليوم يوماً وطنياً للمملكة العربية السعودية، إنه الحنين الى الوطن الغالي المملكة العربية السعودية. إن الحنينُ إلى الأوطانِ هو دائماً فيّاضٌ.. غزيرٌ.. دفَّاقٌ. إنَّه فطرةٌ إنسانيةٌ.. وكَينونةٌ بشريةٌ.. ولذلك قرَنَ المولى جلَّ جلالُهُ الخروجَ من الأوطانِ بالقَتْلِ، فقال سبحانه: (ولو أنَّأ كَتَبْنا عليهم أَنِ اقْتُلوا أنفُسَكُم، أوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُم ما فعلوه إلا قليلاً مِنْهم).. ولذلك أيضاً، احتاجَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى وَعْدٍ ربانيٍّ ليَسْكُنَ قلبُهُ الحزينُ على فراقِ مكةَ، جاء في الأثرِ: لما خَرَجَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ مكَّةَ فَبَلَغَ الجُحْفَةَ اشتاقَ إلى مكةَ، فأنزل الله تبارك وتعالى: (إنَّ الذي فَرَضَ عليكَ القرآنَ لرادُّكَ إلى معادٍ). ولذلك أيضاً، حنَّ المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى مكةَ بعد سنواتٍ من فراقِها، فسألَ أُصَيْلاً وكان حديثَ عهدٍ بها: (كيفَ تركتَ مكةَ)؟ فلما وصفها قال صلى الله عليه وسلم: (وَيْهاً يا أُصَيْل دعِ القلوبَ تَقِرّ)!
إنّها طبيعةُ الإنسانِ أَنْ يأويَ إلى وطنِهِ ويحبَّهُ ويتمسَّكَ بِهِ ولَوْ كانَ قِطْعةً مِنْ صحراءَ جَرْداءَ! فكيف إذا كان وطنُهُ مَهْبِطَ الوَحْيِ، ومَدْرَجَ النبوَّةِ، ومَوْطِنَ المقدَّساتِ، ومُتَنَزَّلَ الملائكةِ بالرَّحماتِ؟ كيفَ إذا كانتْ بلادُهُ بلادَ الحَرَمَيْنِ، وقبلةَ المصلّينَ، وَمَقْصِدَ ضَيْفِ الرحمنِ والمكان الوحيد الذي يُؤدَي فيه الركن الخامس من أركان الإسلام حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ استَطاَعَ إِلَيْهِ سَبِيلَّا؟
كيف إذا كان وطنه هو: المملكةُ العربيةُ السعوديةُ؟
كيفَ يكونُ حبُّهُ وشوقُهُ وتعلُّقُهُ وحنينُهُ حينئذٍ؟
إنَّ ما ينبغي أن يستقرَّ في أنفسِنا هو أنَّ (المواطنةَ) الحقَّةَ هي معنى أوسعُ وأكبرُ من مجرَّدِ هذا الشعورِ الفطريِّ النبيلِ الذي لا يكادُ ينفكُّ عنه إنسانٌ.
إنَّ المُواطنةَ (مشاركةٌ) بين طرفينِ: بين وَطنٍ ومُواطنٍ، بين أرضٍ وإنسانٍ، بين دولةٍ وشعبٍ.. إنّها حالةٌ من التكاملِ، وتبادلِ الحقوقِ والواجباتِ، والتعاونِ لصُنْعِ مستقبلٍ مُبْهِجٍ، تعِزُّ فيه الأوطانُ بِعِزِّ بنيها، ويَعِزُّ فيها المواطنونَ بِعِزِّ أوطانِهم.
نقلا عن “المدينة“