تشهد أسواق الطاقة العالمية تحولات جذرية واستراتيجية كبيرة ستؤدي إلى تغير شكل السوق إلى الأبد، وتبدل مراكز القوى في العالم، إلا أن الخبراء يؤكدون بأن مكانة روسيا على هذه السوق والتأثير الكبير فيها سوف تختفي إلى غير رجعة قريباً.
وبحسب تقرير نشره موقع “أويل برايس” الأميركي، واطلعت عليه “العربية نت” فإن الغزو الروسي لأوكرانيا أطلق سلسلة من الأحداث التي ستغير إلى الأبد نظام الطاقة العالمي.
وذكر التقرير أنه على المدى المتوسط والطويل، تتمتع الولايات المتحدة بوضع قوي للغاية للاستفادة من هذه الديناميكيات الجديدة، وبينما تستفيد روسيا من ارتفاع أسعار النفط والغاز على المدى القصير فإن التوقعات طويلة الأجل لصناعة الطاقة فيها ضعيفة.
وبحسب التقرير فمن المرجح أن تفقد موسكو مكانتها كقوة عظمى عالمية في مجال الطاقة، لأن قرار أوروبا بقطع اعتمادها على الطاقة الروسية أمر لا رجوع فيه.
ويقول التقرير إن “الغزو الروسي لأوكرانيا سوف ينتهي إلى وجود رابحين وخاسرين في أسواق الطاقة، إضافة إلى نظام عالمي جديد مع تغير التدفقات التجارية”.
ويضيف: “لا تزال روسيا تتلقى ما يقرب من مليار دولار من عائدات النفط والغاز كل يوم مع استمرار أوروبا في شراء الغاز الروسي وسط خشية من احتمال قيام روسيا بقطع إمدادات الغاز بالكامل، وعلى المدى القصير، فقد تكون روسيا الرابحة بعد أن ربطت الاقتصادات الأوروبية الرئيسية بغازها الطبيعي، لكن على المدى المتوسط إلى الطويل من المرجح أن تفقد موسكو مكانتها كقوة عالمية في مجال الطاقة”.
ويمكن أن تأخذ آسيا العديد من براميل النفط الروسية غير المرغوب فيها والمحظورة في الغرب، ولكن سيأتي محور الغاز إلى الصين في سنوات وليس أشهر، بسبب نقص البنية التحتية الكافية لروسيا لإعادة توجيه تدفقات الغاز من أكبر أسواقها، أوروبا إلى الصين.
ويرى التقرير أن لدى الولايات المتحدة فرصة للفوز بلعبة الطاقة الجيوسياسية على المدى الطويل، حيث سيتم البحث عن المنتجات والخام الأميركي في المناطق المستهلكة الرئيسية، بما في ذلك في أوروبا وحلفاء الولايات المتحدة في شمال آسيا، والتي لن ترغب أبداً في الاعتماد على الطاقة الروسية مرة أخرى. أما أميركا اللاتينية فنظراً لقربها من الولايات المتحدة تعد أيضاً منفذاً طبيعياً لصادرات الطاقة الأميركية، خاصة وأن أوروبا -المتعطشة لجميع أنواع الطاقة الآن- لا تصدر الكثير من الوقود إلى الأميركتين كما كانت قبل الغزو الروسي لأوكرانيا وقبل أزمة الطاقة في خريف 2021.
وبحسب موقع “أويل برايس” المتخصص بأخبار أسواق الطاقة فإن تدفقات تجارة الطاقة التي ستتغير إلى الأبد، وقرار أوروبا بقطع الاعتماد على النفط والغاز الروسي يقوض موقع القوة الروسية في المتوسط والطويل.
وفي الوقت الذي يهدف فيه الاتحاد الأوروبي إلى خفض عائدات النفط الروسية من خلال فرض حظر على واردات النفط المنقولة بحراً من روسيا، تعيد موسكو توجيه المزيد من الكميات إلى آسيا. لكن روسيا ستواجه مهمة أكثر صعوبة تتمثل في استبدال صادرات وعائدات الغاز الأوروبية بتلك الموجودة في آسيا.
ويقول تقرير “أويل برايس” إن أحجام خط الأنابيب والغاز الطبيعي المسال التي ترسلها روسيا إلى الصين ليست سوى جزء بسيط من صادرات خطوط الأنابيب الروسية إلى أوروبا، وذلك حتى في الوقت الذي خفضت فيه روسيا إمدادات الغاز إلى أوروبا في الأسابيع الماضية.
وترسل روسيا بالفعل الغاز الطبيعي عبر خط أنابيب إلى الصين، والذي بدأ تشغيله في نهاية عام 2019، وهناك خطط لخط أنابيب غاز رئيسي آخر لنقل الغاز من روسيا إلى الصين، لكن هذا سيستغرق سنوات حتى يكتمل.
ويقول نيكوس تسافوس، رئيس برنامج أمن الطاقة وتغير المناخ في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، إن الطاقة الأميركية يمكن أن تساعد الحلفاء على المدى الطويل.
وبحسب تسافوس يمكن للولايات المتحدة أن تساعد في تعويض بعض خسائر الإمدادات من روسيا على الأقل، في كل من النفط والغاز. حيث ارتفعت صادرات الغاز الطبيعي المسال الأميركية إلى أوروبا، كما أن صادرات الوقود قوية أيضاً على الرغم من انخفاض مخزونات الوقود لعدة سنوات في الولايات المتحدة.