شهدنا مؤخراً افتتاح La Galerie Dior في عنوان 30 مونتينو الباريسي. هذا المتحف الحيّ الذي يمتدّ على 2000 متر مربع ويتضمّن 13صالة تستعرض فصولا من تاريخ وإرث دار Dior بأسلوب استثنائي، مما يجعل منها علامة الأزياء الوحيدة في العالم التي تمتلك مساحة مماثلة.
يستقبل الداخل إلى المتحف درج دائريّ من الرخام الأبيض، يحيط به فناء يتزيّن بما مجموعه 1874قطعة من Dior. من بين هذه القطع 452 مجسّماً صغيراً لأثواب تحمل توقيع المصممين السبعة الذين توالوا على الإدارة الإبداعيّة في الدار: كريستيان ديور، إيف سان لوران، مارك بوهان، جيانفرانكو فيري، جون غاليانو، راف سيمونز، وماريا غرازيا كيوري. ومنها 70 مجسّماً صغيراً لأثواب تتوزّع على 70 عاماً من عمر الدار منذ تأسيسها وحتى اليوم. أما القطع الأخرى فتتنوّع بين أكسسوارات، ومجوهرات، وعطور، وقد تمّ تنفيذ مجسّمات لهذه القطع بأسلوب ثلاثي الأبعاد تطلّب العمل عليها أكثر من 100 ألف ساعة من العمل.
يكشف متحف La Galerie Dior عن المهنة الأساسيّة لمؤسس الدار السيد ديور كتاجر للقطع الفنيّة، وهذا ما يُفسّر ظهوره في بعض الصور إلى جانب أشهر فناني ذلك العصر، أمثال سلفادور دالي، وكريستيان بيرارد، وجان كوكتو. اهتمّت بتنفيذ فكرة هذا المتحف نتالي كرينيير المتخصّصة بأرشيف دار Dior، وقد سعت إلى تصميمه على شكل مشهديّة سرديّة تسلّط الضوء على الأرشيف الثمين للدار من الخياطة الراقية إلى العطور، مروراً بالأزياء الجاهزة، والأكسسوارات، والمجوهرات.
يشهد هذا المتحف بثّ فيديوهات رائعة تُظهر مصممي الدار أثناء عملهم في مشاغلها التي لا تزال حتى اليوم تشغل الطابقين الرابع والخامس فوق المتحف. ويتمّ أيضاً عرض مقاطع من أفلام تظهر فيها أشهر نجمات السينما بإطلالات من Dior إلى جانب الإطلالات نفسها. هذا بالإضافة إلى مئات أغلفة المجلاّت المخصصة للدار وعبوات العطور التي تحمل توقيعها.
يتناول القسم الأول من المتحف قصة حياة السيد ديور بأسلوب أنيق يجمع بين الصور والوثائق التي تسلّط الضوء على مسيرته. منها بطاقة الإعلان عن ولادته في العام 1905، صور من طفولته في الفيللا العائلية على شاطىء البحر والإعلان الرسمي في العام 1935 لبيع هذه الفيللا بعد تعرّض عائلته لمشاكل مادية نتيجة الأزمة الاقتصاديّة التي شهدتها أوروبا حينها.
يتضّمن هذا القسم أيضاً رسومات للشاب كريستيان ديور كان ينشرها في صحيفة “لوفيغارو” الفرنسيّة بالإضافة إلى صور له أثناء أدائه الخدمة العسكريّة. بعد ذلك يأتي دور التجارب الأولى للسيد ديور في مجال الخياطة ومنها تصميمه لثوب سهرة رسمه لدار Robert Piguet في العام 1939 أي قبل إطلاق داره الخاصة بحوالي 10 سنوات. هذا بالإضافة إلى “تايور بار” الأيقوني الذي قدّمه كريستيان ديور ضمن أول عرض أزياء قدّمه في 12 فبراير 1947 وعمل من خلاله على تغيير مفهوم الموضة. ويتضمّن المتحف صورا مختلفة من هذا العرض الذي حوّل السيد ديور إلى نجم في عالم الموضة وأعاد للعاصمة الفرنسيّة باريس مكانها كعاصمة عالميّة للموضة. وقد تتابعت النجاحات في حياته حتى وفاته المفاجئة في العام 1957.
بعد القسم المخصّص للسيد ديور، ينتقل زوّار المعرض عبر أرضيّة زجاجيّة تكشف عن المقصورة الأصليّة التي كانت العارضات تستعملها لوضع اللمسات الأخيرة على إطلالاتهن قبل المشاركة بالعرض. وتتضمّن هذه المقصورة مجموعة من القبعات، القفازات، اللآلىء، وأدوات الخياطة التي تُستعمل خلال التحضيرات للعرض.
يُشكّل هذا المتحف مساحة تمكّن الجمهور من الاطلاع على أرشيف الدار وإرثها في إطار يجمع بين التقاليد، والتكيّف، والحداثة. كلّ ذلك بهدف تسليط الضوء على الجذور العميقة للدار، مما يجعل من Dior علامة الأزياء الوحيدة في العالم التي تملك مساحة مماثلة. وقد تطلّب تنفيذ هذا المتحف 3 سنوات من العمل المتواصل، وهو يفتح أبوابه كافة أيام الأسبوع ما عدا الثلاثاء مع قدرة استيعابيّة لحوالي ألف زائر في اليوم.