قضت محكمة تركية اليوم الاثنين بتمديد سجن رجل الأعمال عثمان كافالا المعروف بأنشطته الخيرية والمسجون منذ أكتوبر من العام 2017 رغم تهديد “مجلس أوروبا” في فبراير الماضي باللجوء لمزيدٍ من الإجراءات “التأديبية” بحق أنقرة إذا لم تقم بإطلاق سراح كافالا الذي يحظى بمكانة مرمّوقة في أوساط المجتمع المدني في تركيا، علاوة على شهرته دولياً.
وأثار الحكم الصادر من محكمةٍ في إسطنبول بحق كافالا اليوم والذي قضى بتمديد سجنه، الكثير من الانتقادات للقضاء التركي سيما أن أنقرة ترفض تنفيذ حكمٍ صدر بشأنه عن “المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان” وقضى بالإفراج الفوري عنه في العام 2019.
وقال محامٍ تركي إن “مثل هذه المحاكمات وردود فعل السلطات الأمنية على التظاهر السلمي وقمعها لحرية التعبير، بالإضافة للتحقيقات التي تجريها مع المعارضين خاصة أولئك الذين تتهمهم بالإرهاب، كانت قد ساهمت في تخفيض مرتبة تركيا الدولية في قائمة سيادة القانون قبل أشهر وهو أمرٌ يستمر حتى الوقت الراهن”.
وأضاف المحامي التركي أنس كاباضاي في حديث لـ “العربية.نت” أن “تعرّض المتظاهرين للعنف والتعذيب على أيدي الشرطة رغم عدم ممارستهم لأي أنشطة عدائية خلال تجمعاتهم، تبّين أن الحكومة تبدو أكثر صرامة مع المحتجين رغم اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في البلاد، ومع استمرار مقاضاة المعارضين، لا أعتقد أن ظروف القضاء سوف تتحسن”.
وتابع أن “تركيا تمرّ بفترةٍ تُنتهك فيها الحقوق والحريات الأساسية كالحق في الحرية والأمن والحصول على محاكمة عادلة، لكن مع ذلك لا تريد الحكومة الحفاظ على سيادة القانون حتى ولو كان ذلك سيتمّ من خلال تظاهرة، وبالتالي سياسة الترهيب تقف عائقاً أمام استقلالية القضاء”.
كما رأى المحامي التركي أن “السلطات تنتهك كل الحريات بأقسى الطرق، حتى بات عمل القضاة والمدّعين العامين بلا جدوى، سيما وأنها رفضت اتخاذ 184 قراراً أصدرته المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، فالحكومة تقوم بتعويض الضحايا مادياً بموجب قرارات تلك المحكمة، لكنها ترفض تطبيق كامل تلك القرارات، بحيث لو تمّ تنفيذها حرفياً كان عليها إطلاق سراح الضحايا مع تعويضهم في آنٍ واحد”.
ويستمر احتجاز كافالا البالغ من العمر 64 عاماً، منذ أكثر من 4 سنوات ونصف من دون محاكمة وقد يواجه عقوبة السجن المؤبد مدى الحياة بعدما اتهمته السلطات بـ “محاولة قلب” نظام الحكم الدستوري. وستتواصل محاكمته يوم 22 نيسان/أبريل المقبل رغم أنه ينفي كل التهم الموجّهة إليه بما في ذلك المشاركة في المحاولة الانقلابية الفاشلة على حكم الرئيس رجب طيب أدوغان في 15 تمّوز/يوليو 2016.
ومثل كافالا عبر الفيديو الاثنين أمام هيئة مكونة من ثلاثة قضاة، واصفاً سجنه بأنه “غير مبرر على الإطلاق”، بحسب ما ذكرت وسائل إعلامٍ تركية نقلت عن محاميه تولغا أيتور أمام المحكمة أن “لائحة اتهامه كُتبت بدوافع سياسية، ولا شيء قانونياً فيها”، مطالباً بالإفراج عنه.
وحضر محاكمة رجل الأعمال اليوم، دبلوماسيون أوروبيون لاسيما من فرنسا وألمانيا وبريطانيا وأيضاً من الولايات المتحدة.
وكان كافالا قرر عدم حضور الجلسات، بعد مثوله الأخير عبر الفيديو من سجنه أمام المحكمة في تشرين الأول/أكتوبر، مؤكداً أنه فقد ثقته بالقضاء التركي، لكن محكمة في إسطنبول طلبت مثوله الاثنين.
وقال نيلز موزنيكس مدير منظمة “العفو الدولية” لأوروبا في بيان نُشر عشية هذه الجلسة الجديدة “رغم أنه لم يرتكب أياً من الجرائم المعترف بها دولياً، إلا أنه لا يزال قيد الاحتجاز التعسفي وبدون أدلة ملموسة ضده”.
وأضاف “منذ العام 2017، حاولت السلطات مقاضاته من دون أي أساس لكنها كانت تفشل في كل مرة”.
وأشار إلى أنه “على العكس من ذلك، فإن كل تطور جديد في هذه الملاحقات القضائية ذات الدوافع السياسية يكشف فراغ النظام القضائي التركي”.
وكان الرئيس التركي قد تطرّق لاحتجاز كافالا في أكثر من مناسبة، متهماً إياه بأنه كان يمول احتجاجات منتزه جيزي في العام 2013 بدعم من رجل الأعمال الأميركي من أصل هنغاري جورج سوروس، غير أن كافالا، الذي تعود أصوله إلى اليونان، نفى هذه التهم مراراً خلال جلسات محاكمته وفي مقابلاته مع وسائل الإعلام التي كانت تبث تصريحاته بعد حصولها على أجوبة منه عبر محاميه.
وكان أردوغان قد قرر في نهاية شهر تشرين الأول/اكتوبر الماضي طرد 10 سفرا غربيين بعد مطالبتهم بإطلاق سراح كافالا، قبل أن يتراجع عن ذلك القرار لاحقاً. وكان قد اتّهم كافالا أيضاً بممارسة “التجسس العسكري والسياسي” لصالح جهاتٍ أجنبية والمشاركة في المحاولة الانقلابية الفاشلة منتصف العام 2016.