رجحت مصادر قريبة من الملف الليبي إمكانية وضع المجتمع الدولي اليد على مؤسسات ليبيا المالية وفصل ترتيبات الصرف وعزل المؤسسات السيادية إذا احتدم الصراع على السلطة والاقتتال بين المجموعات المسلحة المتنافسة.
وفيما اعتبره مراقبون فرصة أخيرة لتفادي العودة إلى مربع الانقسام المؤسسي والاحتراب الأهلي، يجتمع رئيسا المجلسين التشريعي والاستشاري الليبيين المتنافسين -مجلس النواب ومجلس الدولة الأعلى- الثلاثاء والأربعاء من الأسبوع المقبل في جنيف بدعوة من الوسيطة الدولية في النزاع الليبي ستيفاني ويليامز، مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة المكلفة بالنزاع الليبي.
وعلمت “العربية” و”الحدث” من مصادر متطابقة أن ويليامز تريد أن يتوج اجتماع عقيلة صالح وخالد المشري في جنيف بالتقدم الذي تحقق في جولات تفاوض سابقة حول القاعدة الدستورية عقدت في مصر.
وتطمح الدبلوماسية الأميركية إلى التوصل لاتفاق بشأن المواد الدستورية والإعلان من جنيف عن قاعدة دستوريةيوافق عليها المجلسان المتنافسان ورزمانة زمنية جديدة للاستحقاقات الانتخابية.
ولا تستبعد هذه المصادر أن يؤدي استمرار الخلاف حول بعض المواد مثل شروط الترشح وقضايا مثيرة للجدل مثلا إمكانية ترشح العسكريين ورموز عهد القذافي وشكل نظام الحكم المقبل إلى الفشل في التوصل لأي اتفاق، في وقت انتهت المهلة فيه الزمنية والقانونية لخارطة طريق وقع عليها ممثلون عن فرقاء النزاع في تونس. ولم يتم تنفيذ بنودها الأساسية، وفي مقدمها تنظيم انتخابات عامة وحرة تنبثق عنها مؤسسات شرعية توحد ليبيا المنهكة والممزقة.
وقال مفاوض شارك في مباحثات سابقة ويعمل مساعدا سياسيا لأحد قادة ميليشيات المنطقة الغربية، في تصريح لـ “العربية.نت” إن “تقديرات تظهر تمتع سيف الإسلام القذافي بشعبية كبيرة حتى في مناطق كانت مؤيدة للثورة بسبب الاستياء العارم من سوء الأوضاع الأمنية والمعيشية”. وأضاف: “إذا سمحنا له بالترشح سيبتلعنا جميعا”، على حد تعبيره.
وجددت ويليامز التزام الأمم المتحدة بوضع حد لما وصفته بالمراحل الانتقالية المطولة وعدم الاستقرار
وتنظيم انتخابات وطنية شاملة، فيما ساهمت تفاهمات إقليمية في تثبيت وقف لإطلاق النار أبرم في جنيف قبل حوالي سنتين.
في المقابل، تتباين أولويات القوى الكبرى في ليبيا ويتصدر اهتمام بعض الدول الغربية استمرار تدفق النفط ومحاربة الإرهاب وتفكيك المجموعات والخلايا المتطرفة المسلحة ومكافحة الهجرة غير النظامية والعمل على طرد المقاتلينالمرتزقة وإنهاء الوجود العسكري الروسي في الضفة الجنوبية للمتوسط.
ويركز الروس، حسب موالين لهم في ليبيا، على منع تحول بلد كان حليفا لهم في السابق إلى دولة فاشلة وإحباط خطط الغرب للاستيلاء على ثرواته من نفط ومعادن وأرصدته المجمدة في مصارفه.
وتظهر السياسة الروسية في ليبيا اهتماما بمنافذ حيوية على البحر الأبيض المتوسط ودول إفريقيا جنوب الصحراءفي آن، ولا تخفي موسكو دعمها لقيام حكم مركزي قوي تكون المؤسسة العسكرية نواته الصلبة و قادر على إبرام عقود استراتيجية.