بعد انتخاب رئيس مجلس النواب اللبناني ونائبه وهيئة المكتب على وقع سجالات ونقاشات دستورية حول عملية الاقتراع، وفوز نبيه بري بولاية سابعة بـ65 صوتاً (الأقلّ منذ العام 1992) بالتساوي مع الأصوات التي نالها نائب رئيس المجلس إلياس بوصعب، تتّجه الأنظار إلى محطة تشكيل الحكومة وهو الاستحقاق الدستوري الأخير في ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون مع انتهاء عهده الرئاسي في 31 أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
فبعد أن أظهرت عملية الاقتراع الأسبوع الماضي ألا أكثرية فعلية للثنائي حزب الله وحركة أمل وحليفه التيار الوطني الحر، بدليل فوز بري وبوصعب بالنصف زائد واحد (65) من عدد أعضاء مجلس النواب (128) على عكس الدورات السابقة، يُرجّح كافة المراقبين أن يكون تشكيل الحكومة، عقدة العقد المقبلة على الساحة اللبنانية المنهكة بأزمة اقتصادية خانقة.
في هذا السياق، أوضحت مديرة مركز “كارنيغي للشرق الأوسط” في بيروت الدكتورة مها يحيى لـ”العربية.نت” و”الحدث.نت” أن “مسألة تشكيل الحكومة ليست سهلة، وهذا بدا منذ ظهور نتائج الانتخابات النيابية التي جرت في 15 مايو الماضي فضلاً عن التطورات المتسارعة في الإقليم، إلا إذا حاول حزب الله وحلفاؤه فرض رئيس حكومة حليف لهم”.
كما أشارت إلى “تباين في وجهات النظر بين الكتل النيابية الأساسية حول شكل الحكومة، وهذا بحدّ ذاته سبب إضافي لتأخير عملية تشكيل الحكومة، مشيرة إلى أن القوات اللبنانية والقوى التغييرية والنواب المتسقلّين يرفضون المشاركة في حكومة وحدة وطنية كما يطالب حزب الله وحلفاؤه”.
إلى ذلك، اعتبرت “أن دخول البلاد بقوّة في بازار انتخابات رئاسة الجمهورية يُصعّب إنجاز مهمة تشكيل الحكومة، والمعركة الرئاسية بدأت قبل إنجاز الاستحقاق الانتخابي”.
وأضافت أن “خريطة توزّع القوى السياسية داخل البرلمان تشير إلى أن لا أحد يملك الأكثرية النيابية. صحيح أن حزب الله وحلفاءه خسروا الأكثرية إلا أن “تشتت” الفريق المعارض لهم سمح لهم بالحصول على أكثرية النصف زائد واحد (65 نائباً) في انتخاب رئيس البرلمان ونائبه”.
كذلك أسفت “لأننا لا نملك “ترف” المماطلة بتشكيل الحكومة حتى الانتخابات الرئاسية، لأن الأزمات الاقتصادية والمالية الحادة التي تضرب لبنان منذ أكثر من عامين تحتّم علينا الإسراع في إنجاز الاستحقاقات الدستورية”.
وبعد إنجاز انتخاب رئيس البرلمان ونائبه، ينتظر أن يُحدد رئيس الجمهورية موعداً للاستشارات النيابية المُلزمة مع الكتل النيابية من أجل تكليف رئيس جديد تشكيل الحكومة خلفاً لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.
في الإطار أوضحت مصادر مقرّبة من رئاسة الجمهورية لـ”العربية.نت” “أنه لا يُمكن الدعوة للاستشارات النيابية قبل الانتهاء من ورشة المطبخ التشريعي لمجلس النواب، والذي بقي منها جلسة انتخاب اللجان النيابية التي حددها الرئيس نبيه بري في 7 يونيو الجاري، وبالتالي فإن تحديد موعد للاستشارات لن يكون قبل منتصف الأسبوع المقبل”.
فيما لفتت المصادر إلى “أن رئاسة الجمهوية طلبت من الأمانة العامة للمجلس النيابي والكتل والنواب تحديد كتلهم وأسمائها لمعرفة كيفية تحديد مواعيد الاستشارات النيابية، ومن هم النواب الذين يشاركون فيها، ضمن كتل نيابية أم بشكل منفرد ومستقل”.
وحرصت مصادر رئاسة الجمهورية على التأكيد “أن تشكيل الحكومة يتم بالاتّفاق بين رئيسي الجمهورية والمكلّف بتشكيل الحكومة، والتشاور بين القوى السياسية قائم بالفترات الانتقالية من أجل تكوين تصوّر واحد حول مواصفات رئيس الحكومة وشكلها”.