انطلقت صباح اليوم فعاليات المؤتمر الدولي للمجلس العالمي للمجتمعات المسلمة الذي ينعقد على مدار يومين في مركز أبوظبي الوطني للمعارض في العاصمة أبوظبي، بمشاركة وفود من أكثر من 150 دولة من جميع مناطق العالم لمناقشة وبحث موضوع “الوحدة الإسلامية.. المفهوم، الفرص والتحديات”.
يقام المؤتمر تحت رعاية الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح والتعايش تزامنا مع الذكرى الرابعة لتأسيس المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة.
في بداية المؤتمر، رحب الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان بالمشاركين والحضور، معبرا عن سعادته البالغة لما يمثله هذا المؤتمر من تجمع مرموق لنخبة متميزة من مفكري الأمة الإسلامية الذين يمثلون بآرائهم ومداخلاتهم، مستويات رفيعة من التفكير الجاد والملتزم، والخبرة العريضة بالواقع والتاريخ والمستقبل الذي نرجوه في المجتمعات المسلمة.
و قال إن دولة الإمارات تمثل الآن نموذجا مرموقا للتعامل مع البيئة الدولية المتغيرة، ونقطة جذب لجميع الأفراد والجماعات بعدما أدركت أن نجاح التنمية الوطنية في الدولة مرهون بتفهم الظروف العالمية المحيطة بنا.. مؤكدا أن موضوع ” الوحدة الإسلامية” مهم في ضوء ما تشهده المجتمعات المسلمة من تحديات جسيمة تهدد وجود بضعها وفي ظل وجود فرص مواتية لكي تأخذ الأمة الإسلامية موقعها اللائق بها في هذا العالم.
و شدد على الحاجة إلى استراتيجية شاملة وواضحة لتحقيق الوحدة الإسلامية لكي تصبح قوة عالمية مشيرا إلى أن الإسلام كان دائما ولا يزال مصدرا لمنظومة القيم التي تحقق العدل والحرية والحياة الكريمة للفرد والتقدم والرخاء للمجتمع وعلينا مواجهة التفكيك الطائفي في بعض المجتمعات المسلمة واتخاذ البعض الإسلام ستارا لأعمال إرهابية.
من جانبه نعى الشيخ عبد الله بن بيه، رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، شهداء الحادث الإرهابي الذي وقع في جمهورية مصر العربية وأكد أن الدين الإسلامي بريء من الأعمال الإرهابية التي يرتكبها بعض الشباب المختطفة عقولهم و قيام البعض باستغلال مفهوم الوحدة الإسلامية لتحقيق أغراض إجرامية.
وقال إن المؤتمر يجب أن يركز على أهمية السلام لأنه من أهم المقاصد التي بني عليها الإسلام مصداقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم تأكيدا على أن السلام من صفات المؤمن “المسلم من سلم الناس من لسانه ويده والمؤمن من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم” مطالبا بضرورة الدعوة إلى درء الحروب والمفاسد والعمل المشترك الذي أصبح أمرا هاما و ضروريا داعيا إلى توجيه رسائل واضحة لشباب الأمة في هذا الظرف العالمي من خلال هذا المؤتمر، فلا طائفية طاردة و لا مذهبية جامدة و لا عنصرية حاقدة.
فيما أوضح الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف المصري أنه يجب على المسلم احترام الدولة التي يعيش فيها سواء كانت ذات أغلبية مسلمة أو أقلية مسلمة وأن يتفوق في عمله لأنه لن يحترم الناس ديننا إذا لم نتفوق في أمور دنيانا مشيرا إلى “أنه من المستحيل جمع المسلمين من كافة دول العالم تحت علم واحد ودولة واحدة وحاكم واحد”.
وأضاف أن الوحدة الإسلامية تتطلب التنسيق فيما بيننا في المحافل الدولية لتجريم ازدراء الأديان، وعلينا مواجهة حرق نسخ المصحف الشريف والرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم والتصدي للجماعات المتطرفة التي تتخذ من الإسلام ستارا وتشوه الدين وأن نقف صفا واحدا في وجه جماعات التطرف والإرهاب.. داعيا العلماء والمتخصصين إلى كشف تلك الجماعات المتطرفة أمام الجميع.. وأشار إلى أن العلماء أكدوا أن الفتوى تتغير بتغير ظروف المكان والزمان.
وفي السياق ذاته قال الدكتور علي أرباش رئيس الشؤون الدينية في جمهورية تركيا إن المسلمين حملوا رسالة السلام إلى أجزاء كبيرة من العالم كما حملوا العلم والمعرفة وأسسوا دولا وبنوا حضارات.
وأضاف “أرباش” أن العالم يمر بإحدى أصعب الفترات في تاريخه من حروب وإرهاب وأوبئة ويجب علينا أن نجتمع ونتعاون ونتحد لحل هذه المشاكل وتجاوز التحديات، مشيرا إلى أنه من المحزن أن نرى العالم الإسلامي لا يستطيع مواجهة التحديات العالمية أو اتخاذ إجراءات عاجلة ضد قضية الإسلاموفوبيا التي تقف أمامنا وتحتاج إلى إجراءات عاجلة ضدها ونوه إلى أن المبادئ العالمية للإنسانية في الإسلام تركت بسبب التفكك بين المسلمين.
من جانبه، قال الدكتور علي راشد النعيمي رئيس المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة إن المؤتمر يأتي في ظل تحديات تواجهها الأمة الإسلامية والعالم أجمع من صراعات وأزمات، ونحن كأمة إسلامية نعيش أزمة مرتبطة بقضية الهوية كما يطرح البعض خيارا واحدا لا غيره هو «إما الإسلام أو لا شئ» وهو ما يتنافى مع تعاليم الإسلام السمحة وهذا الخيار جعل الشباب يتساءل هل أنتمي إلى دولة أم إلى طائفة أم إلى عرق؟.
وأضاف أنه حينما نتحدث عن علاقة المسلم بغير المسلم سنجد أن البعض فقد السياق الحقيقى للدين و الذي يطالبنا بحسن المعاملة، كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه” وعلينا حب الخير للآخرين حتى لو كان مختلفا معك في المذهب أو الطائفة.
و أكد رئيس المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة أن الرسول صلى الله عليه وسلم وضع مبادئ التعايش واحترام الآخر فور وصوله المدينة ليكون هذا هو الدستور الأول للمسلمين وقال : ” لذا وجب علينا العمل على صناعة مستقبل أفضل لأجيالنا، وتقديم خطاب مقنع لشباب هذه الأمة ليتم توظيفهم التوظيف الصحيح خاصة أننا قد عانينا من اختطاف الدين والعقول والأفئدة ووجدنا خطابا متطرفا فرقنا وعلينا أن نعود إلى الجذور والمبادئ الأساسية للإسلام”.
كما أضاف أنه حينما نخاطب العالم عن الإسلام يسألنا أي إسلام نتحدث عنه لذلك وجب على العلماء والمفكرين في الأمة تصدر المشهد لكي لا يتصدره من يريد اختطاف شباب الأمة والعبث بمقدراتها، لأننا نريد أن يكون المسلمون جزءا من الحل و ليس جزءا من الأزمات لأن الإنسانية بحاجة إلينا وإلى الإسلام.
من جهته، قال الدكتور حسين إبراهيم طه الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي إن دولة الإمارات أصبحت عاصمة عالمية للتسامح والتعايش السلمي، ويجب العمل معا بهدف صياغة إطار إسلامي شامل يتضمن ثوابت العلاقات بين الحكومات الإسلامية المختلفة.
وأضاف أن تشويه صورة الإسلام يتطلب من المسلمين الوقوف صفا واحدا للعمل على استرجاع مفهوم الوحدة الإسلامية والصورة الحقيقية لديننا الحنيف والتركيز على مبدأ الحوار بين المسلمين كأولوية قصوى لتجاوز الخلافات ومواجهة الأخطار التي تحيق بنا، خاصة أن عالمنا الإسلامي شهد معاناة من آثار الحروب والفتن التي تسببت في زعزعة استقرار بعض دول أعضاء المنظمة.
تجدر الإشارة إلى أن المؤتمر الدولي للمجلس العالمي للمجتمعات المسلمة يعقد بعنوان “الوحدة الإسلامية: المفهوم، الفرص والتحديات” خلال الفترة ما بين 8 و 9 مايو الجاري ليناقش “الوحدة الإسلامية” وتجلياتها في مختلف مجالات الحياة، ودورها في بناء حضارة إنسانية و الظروف التاريخية التي أدت إلى الانحراف في فهم تلك القضية وتحويلها إلى شعار سياسي قاد إلى السير عكس المسار التاريخي الذي لعبته حقيقة الوحدة الإسلامية.