عقب وفاة جوزيف ستالين يوم 5 مارس 1953، شهدت العلاقات الدبلوماسية السوفيتية الصينية تدهوراً غير مسبوق حيث انساقت حكومتا البلدين نحو خلاف أيديولوجي حول مستقبل الشيوعية. فبعد سنوات من التقارب، أثناء فترة حكم جوزيف ستالين، تميّزت بدعم تكنولوجي سوفيتي وإرسال الصين لمئات آلاف المقاتلين للمشاركة بالحرب الكورية للحفاظ على المصالح السوفيتية بالمنطقة، وجد القائد الجديد للاتحاد السوفيتي نيكيتا خروتشوف نفسه في مواجهة الزعيم الصيني ماو تسي تونغ الذي اتجه لاتهام القيادة السوفيتية بالخيانة.
بخطابه الشهير المعروف بـ”الخطاب السري” يوم 25 فبراير 1956، اتجه القائد الجديد للاتحاد السوفيتي نيكيتا خروتشوف لنقد ستالين وسياسته بالبلاد مثيراً بذلك ذهول المواطنين السوفيت الذين لم يتجرؤوا على نقد السياسة الستالينية خوفاً من أن يجدوا أنفسهم بمعسكرات العمل القسري ومنصات الإعدام. وتزامناً مع ذلك، أعلن خروتشوف عن بدء ما يعرف بـ”اجتثاث الستالينية” التي قرر من خلالها القطع مع سياسة جوزيف ستالين المتواصلة بالبلاد منذ عقود.
إلى ذلك، أثارت هذه السياسة السوفيتية الجديدة قلق الجانب الصيني الذي عبّر عن غضبه الشديد من قرار القطع مع الستالينية. وبسبب ذلك، ظهرت بوادر الخلاف حول تحليل وتطبيق الماركسية واللينينية، نسبةً لفلاديمير لينين، بين الطرفين. ومع تصاعد حدة التوتر بينهما مطلع الستينيات، أدانت الصين السوفيتية ووصفتها بـ”تحريف من إنتاج الخونة”. أيضاً، نقد ماو تسي تونغ الاتحاد السوفيتي ووصفه بـ”الإمبريالية الاشتراكية”.
بالنسبة للمعسكر الشرقي، مثّل الخلاف الصيني السوفيتي نقطة تحوّل هامة اختلف أثناءها الجميع حول الدولة التي ستقود العالم الشيوعي. وبالنسبة للمعسكر الغربي، اتخذت الحرب الباردة منحى جديداً بسبب هذا الخلاف حيث تحولت الأخيرة لنزاع بين ثلاثة أقطاب.
خلال منتصف العام 1963، احتضنت العاصمة موسكو لقاء بين المسؤولين السوفيت ونظرائهم الصينيين الذي اجتمعوا أملاً في إنهاء الانقسام الأيديولوجي. وأثناء هذا اللقاء، تحدّث الصينيون عن التوجهات السوفيتية المعادية للثورة وانتقدوا التقارب السوفيتي مع الغرب. وعلى حسب تصريحات رسمية يوم 14 يونيو 1963، أكد المسؤولون الصينيون على ضرورة اعتماد الخيار العسكري لنشر الثورة الشيوعية بالعالم وتحدثوا عن استحالة التعايش السلمي مع القوى الرأسمالية منتقدين بذلك التوجهات الجديدة للاتحاد السوفيتي.
وكرد على ذلك، انتقد الاتحاد السوفيتي بحلول شهر يوليو من نفس العام التوجهات العدائية لجمهورية الصين الشعبية مؤكداً على ضرورة بلوغ التعايش السلمي بين المعسكرين الشرقي والغربي في خضم عصر الذرّة وانتشار الأسلحة النووية. وقد جاءت هذه التصريحات السوفيتية حينها لتبرز مدى خطورة الانقسام بالعالم الشيوعي بتلك الفترة.
إلى ذلك، استقبل الدبلوماسيون الأميركيون بحفاوة هذا الخلاف الصيني السوفيتي. فبفضل ذلك، أصبح المفاوضون السوفيت أكثر ليناً بجملة من القضايا التي تعلقت باتفاقيات الحد من التسلح وحرب فيتنام تزامناً مع تزايد مخاوفهم من تقارب أميركي صيني محتمل.
من ناحية أخرى، تواصلت العلاقات السيئة بين السوفيت والأميركيين طيلة فترة الستينيات. وبحلول السبعينيات، اتجه الأميركيون لبدء سياسة تقارب مع الجانب الصيني، تجسدت أساساً بزيارة الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون للصين عام 1972، أملاً في الضغط على السوفيت وتوسيع رقعة الخلاف بالعالم الشيوعي.