سلطات 4 دول بأميركا الجنوبية، في حيرة من لغز لا يزال يحيط منذ 10 أيام بطائرة شحن فنزويلية، أقلعت في 5 يونيو الجاري من مطار مدينة Querétaro بوسط المكسيك، حاملة شحنتين: سجائر الى جزيرة ذاتية الحكم، هي Aruba التابعة ببحر الكاريبي لهولندا، وقطع غيار الى شركة صانعة للسيارات بمحافظة “قرطبة” في الأرجنتين، وكل هذا طبيعي، باستثناء أن 5 ايرانيين، بينهم الطيار ومساعده، كانوا مع 14 فنزويليا على متن الطائرة التي اكتشفت السلطات أن قائدها أوقف جهازا فيها يسمح بتتبع مسارها.
وما أن أقلعت “البوينغ 747” في اليوم التالي من الجزيرة، وهبطت بمطار Córdoba الأرجنتيني لتسليم قطع الغيار، بحسب ما نراها في فيديو تعرضه “العربية.نت” أدناه، الا وبدأ اللغز المحيط بها يفوح ويلوح، فقد وجدت السلطات أن مسارها كان غامضا، لأن طيارها أوقف نظام ارسال واستقبال فيها، محظور ايقافه دوليا، وهو المعروف بأحرف TCAS اختصارا، ويمنع اصطدام الطائرات، لأنه “عين ألكترونية” يتعرف بها الطيار الى مسار طائرات محيطة من كل جانب بطائرته أثناء التحليق. كما أوقف الطيار جهاز Transponder المتيح للسلطات على الأرض معرفة مسار الطائرات بأجوائها.
ومن مطار “قرطبة” أقلع الطيار الى الأوروغواي المجاورة، لكن سلطاتها التي علمت من نظيرتها الأرجنتينية بما يحيط بالطائرة من غموض، أغلقت الأجواء ولم تسمح له بدخولها، فولى وجهه شطر البارغواي المجاورة أيضا، ولما سمع الجواب نفسه، عاد الى مطار “قرطبة” للتزود بالوقود، فرفضت سلطاته تلبية طلبه، وعندها وجد نفسه أمام آخر حل، فهبط بمطار Ezeiza الدولي قرب العاصمة الأرجنتينية بونس آيرس، حيث احتجزت السلطات الطائرة بموجب قانون الهجرة، وصادرت كومبيوتيرات وهواتف وجوازات سفر الايرانيين الخمسة، وأنزلتهم بفنادق قرب المطار مع 14 فنزويليا كانوا أيضا فيها.
وكان احتجاز الطائرة بموجب المادة 35 من قانون الهجرة الأرجنتيني، وهي تقول: “عند وجود شك بأن الهدف الحقيقي من الدخول (إلى البلاد) يختلف عن المعلن وقت الحصول على التأشيرة، يجب ابقاء (الراغب بالدخول) في المكان” وفقا لما ورد في أول من بث خبرا عن الطائرة، وكان ذلك بعد 5 أيام من احتجازها، أي السبت الماضي، وهو موقع Aviacionline الناشر تقاريره بالاسبانية والانجليزية.
ذكر الموقع، الناقل معظم معلوماته عن السلطات الأرجنتينية كما يبدو، أن الطائرة تابعة لقسم أسسته مجموعة Conviasa الفنزويلية في فبراير الماضي باسم Emtrasur وجعلته مختصا بالشحن وتوابعه، وأن لدى المحققين بالأرجنتين شكوكا حول وجود صلة بين “الحرس الثوري” والايرانيين الخمسة على متن الطائرة، وهم: الطيار غلام رضا قاسمي ومساعده مهدي موصلي، اضافة الى محمد خوسرافياراغ وسعيد ولي زاده وعبد الباسط محمدي.
ويبدو مما ورد بصحيفة بوليفية، أن التحقيق معهم انتهى الى حالة أصبح “بامكانهم استعادة جوازات سفرهم اذا أرادوا مغادرة البلاد” وفق تغريدة كتبها وزير الأمن الأرجنتيني Aníbal Fernández بتويتر، مشترطا أن تكون مغادرتهم بطائرة غير “البوينغ 747” المحتجزة، والتي اشترتها Conviasa الفنزويلية العام الماضي من الايرانية Mahan Air الخاضعة لتحقيق في الولايات المتحدة “عن علاقة لها مفترضة بالحرس الثوري” بحسب الوزير.
ومن المقرر أن يغادر الخمسة الى طهران بطائرة سبق وباعتها Mahan Air الايرانية أيضا لشركة “كونفياسا” الفنزويلية، وهي Airbus A340 أقلعت أمس الأربعاء من العاصمة الفنزويلية كاراكس، وهبطت لتنتظرهم بمطار Viru Viru الدولي في مدينة Santa Cruz de la Sierra البوليفية، ومنه تنقلهم الى فنزويلا اليوم الخميس، ثم من عاصمتها الى ايران الجمعة أو السبت، بحسب ما تلخص “العربية.نت” ما قرأته بموقع صحيفة La Voz de Tarija البوليفية، وفيها أيضا أن طائرة لشركة Boliviana de Aviación ستنقل الخمسة اليوم من مطار “ايزيزا” الأرجنتيني الى نظيره “فيرو فيرو” البوليفي.
وأكثر ما أثار الشكوك بالايرانيين الخمسة، هو قائد الطائرة البالغ 64 سنة، لأنه من عائلة قيادي في “الحرس الثوري” واداري بشركة ايرانية للشحن تأسست في 2003 باسم Fars Air Qeshm بجزيرة “قشم” عند مدخل مضيق “هرمز” في الخليج العربي، وسبق أن شملتها اتهامات بنقلها أسلحة الى حزب الله في لبنان، وأن غارة اسرائيلية في 18 سبتمبر 2018 على مطار دمشق الدولي استهدفت احدى طائراتها (الصورة أعلاه) ودمرتها على المدرج.