انتقد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الزعيمين السابقين لألمانيا وفرنسا أنغيلا ميركل ونيكولاس ساركوزي، في فيديو نُشر في وقت متأخر من يوم أمس الأحد، وحمّلهما مسؤولية مقتل المدنيين الأوكرانيين.
وقال زيلينسكي مشيراً إلى ضاحية كييف حيث ظهرت جثث مقيدة وملقاة على الأرض: “أدعو السيدة ميركل والسيد ساركوزي لزيارة بوتشا لمعرفة ما أدت إليه سياسة 14 عاماً من التنازلات لروسيا. انظروا بأم عينيكم إلى الأوكرانيين الذين تعرضوا للتعذيب والقتل”، وفقاً لما أوردته صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية.
وكان زيلينسكي يتحدث في الذكرى الـ14 لقمة حلف “الناتو” لعام 2008 التي عقدت في بوخارست برومانيا، حين وعد الحلف بعد نقاش داخلي محتدم بمنح العضوية لجورجيا وأوكرانيا، لكن دون تحديد توقيت زمني.
وألقى زيلينكسي باللوم على السياسيين في دول “الناتو” ووصف مخاوفهم من روسيا آنذاك بـ”السخيفة”، مضيفاً: “لقد اعتقدوا أنه من خلال رفض ضم أوكرانيا، يمكنهم إرضاء روسيا وإقناعها باحترام أوكرانيا والعيش بشكل طبيعي إلى جانبنا”.
وتميزت قمة بوخارست في عام 2008 بنقاش حول ما إذا كان ينبغي منح أوكرانيا وجورجيا “خطة عمل للانضمام” إلى حلف الناتو بشكل رسمي.
حينها فضّل الرئيس الأميركي جورج بوش القيام بذلك وأيد انضمام أوكرانيا وجورجيا رغم معارضة وزير دفاعه في ذلك الوقت، لكن المستشارة الألمانية ميركل والرئيس الفرنسي ساركوزي كانا يجادلان بأن البلدين ليسا مستعدين بعد للانضمام للناتو، وأن وضع خطط العضوية لهما من شأنه أن يضر بشدة بالعلاقات مع روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين.
وفي ذلك الوقت، أشار بوتين، الذي شارك في القمة في رومانيا، إلى نفس النقطة، قائلاً إن انضمام أوكرانيا وجورجيا إلى الناتو يمثل خطاً أحمر بالنسبة له.
وفي حل وسط، اتفقت جميع الدول الأعضاء في الناتو على أنه لا ينبغي أن تُعرض على البلدين خطة عمل للعضوية، لكن تم التعهد بالعضوية في مرحلة ما في المستقبل.
وبحسب فيونا هيل، وهي باحثة كانت آنذاك محللة في مجال الاستخبارات الأميركية، حاول مجتمع الاستخبارات إقناع الرئيس بوش بعدم دعم عضوية أوكرانيا وجورجيا لكنه فشل. وبعد أربعة أشهر فقط على قمة بوخاريست، خاضت روسيا حرباً في جورجيا.
وحتى بعد أن ضمت روسيا شبه جزيرة القرم في عام 2014 ودعمت الانفصاليين في المناطق الشرقية من أوكرانيا (دونيتسك ولوهانسك)، لم يبذل الناتو أي جهد لضم أوكرانيا إلى عضويته.
وقال زيلينسكي أمس الأحد إن دول الناتو ساعدت أوكرانيا في تدريب جيشها وتجهيزه، وقدمت دعماً اقتصادياً وسياسياً كبيراً لكييف، لكن بدون منحها العضوية، لذا ظلت البلاد غير محمية من التزام الحلف بالدفاع الجماعي وتُركت في “منطقة رمادية”.
وردت ميركل اليوم الاثنين من خلال متحدثة باسمها على اتهامات زيلينسكي، وقالت إنها متمسكة بموقفها الذي اتخذته خلال قمة الناتو لعام 2008 في بوخارست. وأضافت المتحدثة أن ميركل تؤيد أيضاً جهود “الوقوف إلى جانب أوكرانيا ووضع حد للهمجية والحرب التي تشنها روسيا ضد أوكرانيا”.
من جهته لم يعلّق ساركوزي على الموضوع. لكن ألمانيا وفرنسا – وحلف الناتو ككل – أوضحوا مراراً، وحتى أثناء هذه الحرب، أنه لا مصلحة لهم في محاربة روسيا المسلحة نووياً نيابةً عن أوكرانيا.
وكلا البلدين إلى جانب حلفاء آخرين في الناتو قدموا لأوكرانيا الأسلحة وأشكال الدعم الأخرى التي استخدمها زيلينسكي لمحاولة صد الجيش الروسي.