مع بدء الاحتياطي الفيدرالي بتخفيف حيازته من الأصول التي تشمل سندات الخزانة والأسهم المدعومة بالرهونات العقارية، والبالغة قيمتها أكثر من 8 تريليونات دولار، ماذا يعني ذلك للأسواق وما الأهمية التي تحملها هذه الخطوة؟
وكنا سمعنا في الفترة الأخيرة عن اتجاه مجلس الاحتياطي الفيدرالي لخفض حيازاته من السندات والأصول بأكثر من ثمانية تريليونات دولار، وهو فعلياً ما بدا واضحاً من اجتماع المجلس في مارس الماضي، حيث سيبدأ في خفض نحو تريليون دولار كل سنة من هذه الأصول.
لكن ماذا يعني ذلك؟ لماذا هذا الأمر مهم ويحرّك الأسواق الآن ويرفع الدولار مقابل العملات الأخرى؟
سنعود هنا لأعوام الأزمة المالية 2007 إلى 2009 عندما بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي لأول مرة في استخدام عمليات شراء الأصول على نطاق واسع، وتسمى أيضا التيسير الكمي، فخلال الأزمة أصبح من الواضح أن مجرد خفض أسعار الفائدة لتحفيز الاقتصاد المنهار وقتذاك لم يعد كافياً.
وتدخل الاحتياطي الفيدرالي بشراء عشرات المليارات من الدولارات في وقت واحد من سندات الخزانة التي تصدرها الحكومة الأميركية، وشراء الأسهم في البورصات المدعومة بالرهن العقاري، وساعد ذلك بشكل سريع على خفض تكاليف الاقتراض طويل الأجل للشركات والأفراد، وتعزيز بالتالي الانتعاش الاقتصادي.
نفّذ المركزي ثلاث موجات من برامج الشراء بين عامي 2008 و2014، وأصبح بحوزة “الفيدرالي” ما يقرب من 4.25 تريليون دولار من السندات، وانخفض العائد على سندات الخزانة الأميركية لمدة 10 سنوات، والتي لها تأثير على معدلات الفائدة على كل شيء من قروض السيارات إلى الرهون العقارية، وذلك مما يزيد على 4% إلى أقل بكثير من 2%.
لاحقاً جاءت أزمة كورونا في أوائل عام 2020، وما نعلمه مما تسببت فيه في حالة من الذعر في الأسواق المالية، واستجاب الاحتياطي الفيدرالي مرة أخرى بعمليات شراء ضخمة للسندات بالإضافة إلى تخفيضات في أسعار الفائدة.
ويبلغ إجمالي حيازاتها من السندات الآن حوالي 8.3 تريليون دولار، مع ما يقرب من 5.65 تريليون دولار في سندات الخزانة و2.65 تريليون دولار من الأسهم المدعومة بالرهونات العقارية.
يقول مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي الآن، إن الاقتصاد الأميركي أقوى بكثير مما كان عليه خلال فترات الأزمة المالية.
لكن السبب الأكثر أهمية بالنسبة لهم هو التضخم الذي قفز بشكل هستيري في سنوات كورونا بسبب ما نعلمه من تعطّل الإمدادات ونقص السلع وزيادة أسعارها، ثم جاءت الآن الحرب الروسية التي زادت الطين بلة، لذا تركيز “الاحتياطي” الآن على محاربة التضخم ولا يعبأ بنمو الاقتصاد، لذا رأيناه في الشهر الماضي يرفع الفائدة بربع نقطة مئوية ومتوقع أن يرفعها بنصف نقطة مئوية في اجتماعه المقبل، مع بدء سريع في بيع الأصول التي يمتلكها بمعدل 95 مليار دولار شهرياً لكلا السندات والأسهم، وبدأنا نرى تأثير ذلك في انخفاض قوي للبورصات الأميركية في هذا الأسبوع نتيجة ذلك.