جمع مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء) نخبة من القيادات الإعلامية المحلية والإقليمية، في لقاء إثراء الإعلامي 2022، الذي حشد قرابة 140 إعلاميا، ناقشوا مستقبلهم المهني، ضمن جلسة حواريّة حملت عنوان: “مستقبل الإعلام في عصر الميتافيرس”، قدمها أربعة متحدثين مختصين، وحظيت بتفاعل كبير من الحضور.
في حين أبدى الإعلاميون اعتزازهم بالإنجازات التي حققها إثراء، بعد عرض أبرز محطات العام الماضي، والتعريف بالبرامج التي يعتزم المركز إطلاقها خلال العام الحالي 2022.
استهل مدير مركز “إثراء” المكلّف عبد الله الراشد اللقاء بكلمته التي أعرب من خلالها عن أهمية الدور المحوري الذي تقوم به وسائل الإعلام كقوة مؤثرة تحدث حراكًا مجتمعيًا يقود نحو التغيير والتجديد، منوهًا بالدور الذي قدمته وسائل الإعلام لبرامج وفعاليات المركز، حيث أبرزت الجهود التي تقف وراء تصميم أكثر من 8000 برنامج سنوي، مشيرًا إلى حصول “إثراء” على 5 جوائز محليّة وعالمية، مع استقطاب نحو 500 ألف زائر من داخل المملكة وخارجها، خلال العام الماضي.
وأكد الراشد على رسالة “إثراء” المتمثّلة في دفع عجلة التنمية المستدامة، عبر تقديم منتج سعودي بمعايير عالمية من خلال ثلاث رسائل استراتيجية محددة، وهي تطوير المواهب وتعزيز المهارات، ودعم المحتوى المحلي وتمكين إنتاجه، وجعل إثراء منصة رئيسة لرعايةِ الإبداع والتبادل الثقافي على الصعيد المحلي والعالمي على حدٍ سواء.
واستشرف المتحدثون في الجلسة التي أدارتها مذيعة قناة العربية فاطمة فهد، مستقبل الإعلام، حيث كشفت رئيسة تحرير صحيفة “ذا ناشيونال” مينا العريبي، أن الاستثمار وضخّ رؤوس الأموال في الإعلام يعد أحد المؤثرات الجذريّة في صعوده نحو “الميتافيرس”، مستشهدة بما يتجه إليه تطبيق “فيسبوك” حيث سينفق نحو 10 مليارات دولار على عالم “الميتافيرس” لوكالات إعلامية ومنصات رقمية، في الوقت الذي بدأت فيه المؤسسات الإعلامية تفكّر بطريقة العمل عبر الذكاء الاصطناعي نتيجة التحولّات المتسارعة، كما توضح العريبي.
وأشارت إلى أنه تبين مؤخرًا خلال الإحصائيات الحديثة أن 300 ألف تغريدة عبر منصة تويتر تصدُر من العالم بأسره خلال الدقيقة الواحدة، فيما أوضحت الإحصائيات أن عدد متابعي تطبيق “تيك توك” وصل إلى أكثر من مليار متابع، موجهة بضرورة التركيز على التقنيات المسموعة، كالمقالات المترجمة والمسموعة، التي ستشهد حضورا لافتا خلال الأعوام المقبلة، وذلك في ظلّ صعوبات مواكبة المقاطع المرئية واتساع رقعة المتابعين.
وفي طليعة الإشكالات المستقبلية للإعلام، بيّن المستشار والمختص في الإعلام الرقمي هاني الغفيلي، أن المحتوى القيّم يشهد تغييرات متسارعة تواكب المتغيّرات التقنيّة، مطالبًا بضرورة إعداد المحتوى بطرق متجددة وعصريّة. واستعرض ما يواجه المجتمع في الوقت الحالي من طفرة كبيرة في حجم المعلومات المتدفقة، مما يراه يستوجب فلترة وفرزا للمحتوى والتصدي للأخبار الزائفة، مؤكدًا أن التقنيات الحديثة ساهمت في نشر الشائعات وانتقالها بصورة سريعة.
من ناحيته، حدد رئيس قسم الصحافة والإعلام الرقمي بجامعة الملك عبد العزيز الدكتور أحمد الزهراني، ملامح الصورة الأكاديمية لخريجي كليات الإعلام، موضحًا أن كليات الإعلام تُقدم محتوى أكاديميا إلا أن الصحافي المُتمرّس يتخطّى مرحلة التعليم في الجامعات إلى الشغف عبر تقديم ذاته إلى وسائل الإعلام المختلفة، مؤكدًا أن العمل الميداني هو من يثبت قوة الأداء الصحفي، مردفًا أن الجمهور أصبح الملك وليس المحتوى، كما كان يُقال سابقًا، فعدد المتابعين يراه بات مؤثرًا رئيسيًا على حساب المحتوى.
فيما شددت رئيسة تحرير مجلتي سيدتي ومجلة الجميلة لمى الشثري، على تمكين الكفاءات الإعلامية، لتكون نواة التحوّل الرقمي في الإعلام عبر تأهيلهم لامتلاك المهارات الرقميّة، محذرة من تداول ونشر الأخبار الزائفة عبر التقنيات الرقميّة، وطالبت باستحداث آليات للتصدّي للشائعات، مؤكدة على أهمية التكامل الرقمي المطوّر.
وحظي اللقاء بتفاعل إعلامي كبير خلال المداخلات التي تلت الجلسة، إذ تناول الإعلامي القدير محمد التونسي عشوائية تصنيف المحتوى، مشددًا على ضرورة معرفة ماذا يريد الجمهور. وتطرق رئيس تحرير جريدة الجزيرة خالد المالك إلى ممارسة غير المتخصصين للإعلام الرقمي، أما الكاتب خالد السليمان فتناول في مداخلته ضرورة أن يبقى المحتوى هو الملك، وليس الجمهور.
وتوصّل المتحدثون يدًا بيد مع الحضور الإعلامي الكثيف في قاعة السينما بمركز (إثراء)، إلى أن المتغيرات الرقمية لا تعني الاستغناء عن القدرات البشرية، حيث ستبقى الوسائل الإعلامية مرتبطة بيد الإنسان وإدارته، مؤكدين على أن هُناك تحديات تقنية عديدة تواجه الإعلاميين، يستحثّ على المختصين مواجهتها، لمواكبة الحراك الإعلامي المتسارع.