شرحت كبيرة العلماء في منظمة الصحة العالمية، دكتورة سوميا سواميناثان تسلسل الجينوم وكيف يساعد على تتبع الأمراض المعدية، بالإضافة إلى توضيح مدى أهميته في هذه المرحلة من جائحة كورونا.
قالت دكتورة سوميا في حلقة جديدة من برنامج “العلوم في خمس” الذي تقدمه فيسميتا جوبتا سميت، وتبثه منظمة الصحة العالمية على منصاتها الرسمية، إن تسلسل الجينوم هو أداة يستخدمها العلماء لتصور أو فك الشفرة الجينية للكائن الدقيق، سواء كان DNA أو RNA. وهكذا فإن آلات التسلسل تضع أساسًا تسلسل النوكليوتيدات بأكمله وتحصل على رمز جيني كامل لذلك الكائن الحي بعينه.
وأضافت دكتورة سوميا أن تسلسل الجينوم هو أداة جديدة نسبيًا، ويتم استخدامها بشكل متزايد في الصحة العامة، على سبيل المثال، لتتبع تفشي الأمراض المنقولة بالغذاء. عندما تكون هناك مجموعة من الأمراض التي تنتقل عن طريق الأغذية، يبدأ البحث عن مصدر التلوث كي تتمكن الجهات المعنية من اتخاذ الإجراءات التصحيحية. وبالمثل، عند انتشار مرض غير معروف، مثل التهاب الدماغ أو التهاب السحايا عند الأطفال.
يساعد تسلسل الجينوم بسرعة كبيرة على اكتشاف ماهية الكائن الحي، ومن ثم يمكن محاولة ربطه أو تعقبه إلى حيث يمكن أن يكون قد أتى.
وأشارت دكتورة سوميا إلى أن الإيبولا، على سبيل المثال، يعد مثالا جيدا لمرض حيواني المنشأ، ومن خلال إجراء التسلسل، يمكن معرفة في الواقع من أين نشأت العدوى بمرض الإيبولا وإلى أي مدى يمكن أن ينتشر أو يتراجع.
وقالت دكتورة سوميا إن علماء منظمة الصحة العالمية يستخدمون، في الواقع، تسلسل الجينوم في دراستهم لحالات جدري القرود أيضًا لفهم المزيد حول مصدر العدوى على المستوى المحلي. لذا فإن تسلسل الجينوم هو أداة رائعة تمت إضافتها حاليًا إلى مجموعة أدوات خبراء الصحة العامة من أجل اتخاذ الإجراءات بسرعة عندما يتعلق الأمر بتفشي الأمراض المعدية.
واستطردت قائلة إن استخدام تسلسل الجينوم منذ بداية جائحة كورونا لتتبع فيروس سارس-كوف-2 كان مفيدًا للغاية، لأنه فيروس يتغير ويتحول منذ البداية. وبالفعل تم التمكن من فهم أي من هذه التغييرات يثير القلق حقًا. ثم يتم تسميتها وتصنيفها بحسب ما تمثله التغييرات من مخاوف تتعلق بزيادة القابلية للانتقال، وبالتالي تصبح العدوى أكثر سهولة من شخص لآخر، أو ما إذا كان يؤدي إلى مرض أكثر خطورة أو يؤدي إلى قدر من الإجهاد يتسبب في نهاية المطاف في التغلب على الاستجابة المناعية الطبيعية للأشخاص.
وبمرور الوقت، تم رصد متغيرات مثل ألفا وبيتا وغاما ودلتا وأوميكرون، والتي أظهرت أن خصائص الفيروس تغيرت وتمكن الباحثون من ربط تلك الخصائص السريرية بالتسلسل الجيني للفيروس.
ولأن العلماء كانوا يشاركون هذه التسلسلات على منصة مشتركة، فكان يمكن للعالم بأسره في نفس الوقت أن يرى أين توجد المتغيرات، وما هي المتغيرات الناشئة، وبالتالي يتمكن خبراء الصحة العامة من اتخاذ إجراءات بناءً على تلك البيانات والمعطيات.
وأوضحت دكتورة سوميا أنه لهذه الأسباب فإنه من المهم للغاية الاستمرار في استخدام تسلسل الجينوم، محذرة من أنه تم مؤخرًا ملاحظة حدوث انخفاض في كمية الاختبارات والمراقبة والتسلسل خلال الأسابيع القليلة الماضية. وبالتالي فإن العلماء والخبراء يحصلون على رؤية أقل بشأن ما يطرأ على الفيروس.
وشرحت دكتورة سوميا أنه التأكد من مدى أهمية المعلومات، التي تم الحصول عليها من خلال استخدام تسلسل الجينوم أثناء الوباء، موضحة أن التحديد المبكر للمتغيرات والقدرة على ربط كل من المتغيرات بخصائصها الفريدة للغاية، ساعد على تتبع انتشارها حول العالم، مما ساعد بالتبعية البلدان على زيادة أو تقليل إجراءات الصحة العامة الخاصة بهم بناءً على البيانات التي تم رصدها، وكذلك في إعداد المستشفيات لتجهيز المرافق إذا كانت هناك زيادة متوقعة.
ولكن لسوء الحظ، ما يحدث الآن هو أن العديد من البلدان قد خفضت اختباراتها وتسلسلها، وبالتالي فإن العلماء والباحثون معرضون لخطر قلة البيانات والمعلومات إذا لم يتم مواصلة الاختبار والمراقبة، بخاصة وأن الجميع يعلم أن الفيروس سيكون موجودًا لبعض الوقت وسوف يتغير ويتطور.
وشددت دكتورة سوميا على أن هناك حاجة حقًا إلى تتبع ما يحدث، ومعرفة ما إذا كانت اللقاحات لا تزال فعالة، مضيفة أنه في بداية الوباء، كان حوالي ثلث البلدان فقط التي يستطيع إجراء تسلسل الجينوم، ولكن بمرور الوقت تم التوسع بشكل كبير وأصبح لدى ثلثي البلدان قدراتها الخاصة لإجراء تسلسل الجينوم.
واختتمت دكتورة سوميا حديثها قائلة إنه مازال هناك نقاط عمياء في خريطة العالم، وبالتالي يحتاج الأمر إلى العمل على تعزيز هذه القدرات، سواء من حيث البنية التحتية أو تدريب الأشخاص على تحليل البيانات والمعلوماتية الحيوية، بخاصة أن الفوائد لا تقتصر على مرض كوفيد وإنما يشمل جميع الأمراض المعدية، مما يعني أن تسلسل الجينوم يمكن أن يوفر الكثير من المعلومات حول كيفية تتبع الأمراض المعدية وكيفية معالجتها وتحسين استجابة منظمة الصحة العالمية وباقي المؤسسات المحلية للحفاظ على الصحة العامة.