بعد تميزها في مجال البحث العلمي، توجه وكيل وزارة الصحة الدكتور عبدالله مفرح عسيري للباحثة السعودية الدكتورة مريم العيسى بالتهنئة لمشاركتها بأضخم بحث على مستوى العالم في مجال الوراثة النفسية، وبالتحديد مرض الفصام.
وفي حديثها لـ”لعربية.نت”، أكدت الدكتورة مريم العيسى على أهمية دراسة المجاميع البشرية للتعرف على القابلية للإصابة بالامراض وتأثيره على الأمراض عموما وعلى الأمراض النفسية بشكل خاص.
وقالت العيسى إنها حصلت على الماجستير من اسكتلندا في مجال الوراثة الطبية المعقدة، ومن هناك بدأت البحث في الوراثة النفسية، حيث اختارت بحث الماجستير عن متلازمة “ديجورج” وارتباطها بالذهان، وأكملت الدكتوراه في مجال الوراثة المعقدة من “جامعة كلية لندن” في بريطانيا وحصلت على الزمالة في الهندسة الوراثية والمعلوماتية الوراثية من “معهد ماساشوستس للعلوم والتقنيه” (إم إي تي) في الولايات المتحدة. لتعود إلى المملكة وتعمل كرئيس قسم الوراثة بهيئة الصحة العامة وأستاذ مساعد بـ”جامعة الفيصل” بكلية الطب والذكاء الاصطناعي ومستشاره في الابتكار.
وتطرقت العيسى للبحث مبينة أن البحث يتركز على الأمراض النفسية، مؤكدة أن العلاجات الموجودة قديمة لا تكون فعاله في أغلب الأحيان لاختلاف الأعراض من مريض لآخر؛ والسبب أن كل شخص له تركيبة جينية معينة تساهم في تشكيل المرض تختلف عن الاخر، ولم يتم اكتشاف كل المسارات البيولوجية المرتبطه بالمرض فالعلاجات الموجودة لا تعالج كل المرضى النفسيين.
وأوضحت أن هذا البحث كان عالميا وهو اكتشاف جديد تم خلاله عمل مسح جيني لـ77 ألف شخص مصابين بالفصام وتم إخراج مجموعة من المتغيرات التي ترتبط بالخلايا العصبية، وهو يعتبر اكتشافا مهما جدا كوننا سابقا لا نستطيع الجزم أين الخلل في الدماغ الذي يساهم في تشكيل المرض وبدراسة مناطق مختلفة من الدماغ للمرضى النفسيين لم يتم تحديد ما يساهم في تكوين المرض، ومن خلال البحث تم اكتشاف خلل في الخلية العصبية، والتي يكون لديها مشاكل معينة تسبب هذا العطب.
ونبهت العيسى إلى أنها باحث مشارك مع فريق بحث متكامل ومتعاون قام بالبحث من خلال عمل جماعي، ولا يمكن للعمل الفردي أن يصل لهذا المستوى وتحقيق نجاح باهر وكبير على مستوى العالم، وهذه الدراسة تعتبر هي الأكبر على مستوى العالم في الفصام. ولم يكن هذا البحث الأول فقد قامت بأبحاث وتعاونات دولية أخرى وتم اكتشاف ارتباطات جينية بأمراض مثل ثنائي القطب والزهايمر والباركنسون.
وتابعت أن هذه الدراسة في العالم تمت بالتعاون مع مجموعة من المؤسسات حول العالم ولا يوجد مشاركة مؤسسية للآسف من المملكة، كما لا يوجد دعم كافي لمثل هذه الأبحاث، وتطالب بالبدء في الأبحاث النفسية “فلا يوجد أحد منا لا يحمل متغيرات لها ارتباط بالأمراض النفسية، ولكن ثقلها وعددها تختلف من شخص لآخر، كما أن التعبير عنها يختلف من شخص لآخر، وهو ما يعطي سماتنا الشخصية”.
وأكدت على أهمية وجود دراسات بحثية في المملكة في هذا المجال، مع العلم أن الأمراض النفسية تشكل عبئا كبيرا على الدولة وعلى الأسرة بسبب المصابين بالأمراض وطول مدة بقاء المريض النفسي في المستشفيات والمصحات.
ومحليا عملت داخل المملكة مع فريق بحثي في الحرس الوطني على دراسة المتغيرات الأكثر انتشارا في المملكة والتي تساهم في إيجاد أولوية لفحوصات ما قبل الزواج والوقاية من توريثها وهي مهمة لفحوصات الزواج.
كما أكدت أنه علم جديد وواعد ويساهم في حل الكثير من المشاكل الوراثية المزمنة، ولكن هذا النوع من الدراسات يحتاج دعما للأبحاث وإنشاء مختبرات ومعامل مختصة في هذا المجال و”من واجبنا أن نحاول الاستفادة مما تعلمنا وتطبيقة في المملكة”.
وعن مساندات الأسرة أكدت أن نشأتها في منزل علم، حيث إن والداها شغوفان بالعلم والقراءة والبحث وهذا ما أمدها بشغف البحث عن المعلومة والجواب لكافة الأسئلة، إضافة إلى دعوات الوالدين مشاركاتهم لها في كافة النجاحات.
وختمت حديثها بأن البحث العلمي هو أحد ركائز الابتكار و”أننا نحتاج إلى المزيد والمزيد من الاهتمام بالبحث العلمي للحاق بركب التميز العلمي على مستوى العالم وهذا ما تطمح إليه”.