قفزت أسعار النفط العالمية بأكثر من 11% منذ اجتماع أوبك+ الأخير أوائل فبراير المنصرم، لتلامس أعلى مستوياتها منذ 2014، مما يجعل منتجي النفط الرئيسيين ضمن تحالف أوبك+ أمام قرار حاسم غدا بشأن مستويات الإنتاج.
ستعقد مجموعة أوبك+، المكونة من أعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول وحلفاء بقيادة روسيا، اجتماعها المقبل غدا الأربعاء، حيث يهدد هجوم روسيا على أوكرانيا بتعطيل الإمدادات المحدودة بالفعل من النفط الخام.
للاجتماع نتيجتان محتملتان، الحفاظ على “الوضع الراهن” بشأن الزيادة المجدولة في الإنتاج، أو توسيع حصص الإنتاج أكثر. لكن، ترى مصادر وكالة “رويترز” أن أوبك+ على ما يبدو ستتبع نمطها الحالي وتزيد الإنتاج بمقدار 400 ألف برميل يوميًا. وإذا كان الأمر كذلك، فلن ترى السوق تأثيرًا كبيراً، حيث من المرجح أن تظل الأعين على وقع العقوبات الروسية.
في 24 فبراير، شنت روسيا غزوًا واسع النطاق على أوكرانيا، مما دفع الولايات المتحدة إلى إعلان عقوبات إضافية على روسيا وفرض قيود على الصادرات إلى البلاد. وكان الحلفاء الأميركيون والأوروبيون قد أعلنوا عن عقوبات تهدف إلى تقييد وصول روسيا للنظام المالي العالمي.
لكن، ما لم تتخذ الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قراراً بشطب جماعي للبنوك الروسية من النظام المصرفي العالمي من خلال حظر نظام سويفت SWIFT، وهي شبكة المدفوعات الدولية، فلن يكون هناك تأثير كبير على إمدادات النفط، إذ في الوقت الحالي يطال حظر سويفت مجموعة مختارة “بعناية” من البنوك الروسية في محاولة غربية واضحة لتحييد قطاع الطاقة الروسي الحيوي لأوروبا التي تعتمد على واردات الغاز من روسيا لتغطية حوالي ثلث احتياجاتها.
بالتالي، لا يبدو الاتحاد الأوروبي راغبًا في فرض عقوبات مصرفية شاملة عبر نظام سويفت، لذا فإن أسعار النفط – وفق هذا الأساس – قد لا ترتفع كثيرًا مع استمرار تدفق صادرات الخام والغاز الروسية، خاصة أن لدى روسيا قد تيمّم وجهها شطر السوق الصينية، وقد بدأت ذلك بالفعل من خلال صفقات جديدة.
سجلت أسعار النفط مؤخراً أعلى مستوياتها منذ أكثر من سبع سنوات، متجاوزة 100 دولار. وهو مستوى مغرٍ خاصة للمنتجين من القطاع الخاص في الولايات المتحدة، الذين قد يعمدوا إلى زيادة الإنتاج.
من ناحية أخرى، لم تكن أوبك+ قادرة على تلبية حصص الإنتاج الحالية. وكان إنتاج النفط بين أعضاء المجموعة أقل بنحو 700000 برميل يوميًا من حصة الإنتاج الجماعية البالغة 38.74 مليون برميل يوميًا في يناير، وفقًا لمسح “ستاندرد آند بورز غلوبال بلاتس”، الذي صدر في فبراير.
وبالفعل، تحتاج أوبك+ إلى معالجة عدد من المشاكل، إذ تتمثل إحدى القضايا الرئيسية في نقص الطاقة الإنتاجية الفائضة بشكل عام، حيث إن بعض منتجي المجموعة غير قادرين بالفعل على مواكبة حصصهم. وبينما تمسكت أوبك+ بزيادات الإنتاج الشهرية المعروفة، فإن مستويات الإنتاج الحقيقية ما زالت متخلفة عن الهدف، مما يعكس عجزًا في الحصص. ومن المتوقع أن يزداد هذا العجز أكثر في الأشهر القليلة المقبلة نظراً لقلة الاستثمار، وتراجع إنتاج الحقول، والبنية التحتية النفطية المتهالكة لدى عدد من الأعضاء.
حتى روسيا، باعتبارها إحدى القوى الرئيسية في أوبك+، تواجه أيضًا مشاكل في الإنتاج. وقد أشار بعض المحللين بالفعل إلى أن الطاقة الاحتياطية لروسيا تقل الآن عن 300 ألف برميل يوميا، حيث تنتج موسكو حاليًا حوالي 10.8 مليون برميل يوميًا، لكن من المفترض أن تنتج ما يقرب من 12 مليون برميل وفقًا لاتفاق أوبك+.
وتبقى السعودية والإمارات الوحيدتان اللتان تمتلكان طاقة إنتاج احتياطية إضافية ضمن تحالف أوبك+.
وفي وقت سابق اليوم الثلاثاء، أكد مجلس الوزراء السعودي، خلال جلسته حرص المملكة على استقرار أسواق النفط والالتزام باتفاق أوبك+.
وكانت وكالات أنباء روسية ذكرت أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بحث مع ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في اتصال هاتفي، اتفاق أوبك+ النفطي، وتعهدا بمواصلة التنسيق في ما يتعلق بأسواق الطاقة العالمية.
يمكن القول إن تحالف أوبك+ أمام تحديات في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، لكنها لن تصبح شديدة الوطأة إلا في حال أقحمت قوى الغرب نفط وغاز روسيا في “حربها الاقتصادية” ضد موسكو، في ظل توقعات بأن يكون لتحركات روسيا العسكرية العدوانية تجاه أوكرانيا تأثير سلبي على التعاون في سوق النفط، ما يعني أن صيغة نجاح الرياض – موسكو – أبوظبي وهذا التعاون الاستراتيجي في إدارة سوق النفط على مدى كل هذه السنوات، قد يواجه ضغطاً إن اشتد وطيس الحرب.