بعد موجة من العنف المسلّح التي انتشرت في مختلف المناطق بالولايات المتّحدة، خلال الأشهر الماضية، ولا تزال مستمرة، أقرّ مجلس الشيوخ الأميركي في وقتٍ متأخّر أمس الخميس مشروع قانون يدعمه المشرّعون من كلا الحزبين (الديمقراطي والجمهوري)، يفرض قيودا على الحصول على الأسلحة الناريّة، بالإضافة إلى مليارات الدولارات لتمويل قطاع الصحّة العقليّة والأمن في المدارس.
وتمّ تبنّي المشروع بـ65 صوتا مقابل 33 في مجلس الشيوخ، بحسب ما أفادت فرانس برس.
لكن على الرغم أنه من شبه المؤكّد أنّ تتمّ المصادقة عليه أيضاً في مجلس النوّاب بوقت لاحق اليوم الجمعة، يبقى أقلّ بكثير من الإجراءات التي طالب بها الرئيس جو بايدن.
إلا أنه يشكل رغم كل شيء سابقةً منذ عقود، ويُمثّل تقدّمًا في نظر دعاة مراقبة الأسلحة.
فمشروع القانون هذا متواضع، خصوصاً أن أهم بنوده تنص على تشديد عمليات التحقق من تاريخ الراغبين في شراء الأسلحة من المدانين بارتكاب عنف أسري أو جرائم كبيرة وهم قصَّر.
وقد أتى بتلك الصيغة المخففة بعد أن رفض الجمهوريون محاولة الاتفاق على إجراءات أكثر شمولا مثل حظر البنادق الهجومية أو مخازن الذخيرة عالية السعة، وهو ما كان يفضله الديمقراطيون بمن فيهم بايدن.
وتعليقاً على خطوة مجلس الشيوخ، اعتبر بايدن أن مشروع القانون هذا سيحمي الأميركيين وأطفال المدارس، داعياً مجلس النواب للتصويت عليه في الحال، دون تردد.
كما رأى أن أعضاء الكونغرس من الحزبين اجتمعوا على إصدار تشريعات للتصدي لآفة العنف المسلح، بعد 28 عاماً من التقاعس.
أتى هذا التصويت بعد ساعات قليلة على قرار للمحكمة العليا الأميركية التي قضت أمس بأن للمواطنين الحقّ في حمل مسدس في الأماكن العامة، وهو قرار تاريخي له تداعيات بعيدة المدى على أنحاء البلاد التي شهدت تصاعدا للعنف المسلح.
إذ ألغى هذا القرار قانونا في ولاية نيويورك سُنّ قبل أكثر من قرن ينصّ على إثبات وجود حاجة مشروعة أو “سبب مناسب” للحصول على تصريح لحمل مسدس في الأماكن العامة.
يذكر أن الولايات المتحدة كانت شهدت مؤخراً أفظع الحوادث الدموية لاسيما في نيويورك وتكساس.
فقد لقي 11 مصرعهم في مجزرة ببقالة “بوفالو” في نيويورك الشهر الماضي، بعد أن أفرغ مسلح رصاصه في أجساد العشرات ممن كانوا في المكان، بدوافع عنصرية.
كما شهدت مدرسة يوفالدي في تكساس مجزرة أدت إلى مقتل 21 شخصاً معظمهم من الأطفال الذين لم تتجاوز أعمارهم العشر سنوات.
كذلك، تتالت حوادث إطلاق النار الفردية لاحقاً في عدة مناطق، طالت مستشفيات ومراكز تجارية، وغيرها.
فوفقاً لمؤسسة أرشيف عنف السلاح، وهي جماعة بحثية غير ربحية، شهدت البلاد ما لا يقل عن 240 إطلاق نار جماعي حتى الآن هذا العام(2022).
لكن رغم كل تلك الأحداث العنيفة، لا يزال عدد من السياسيين يتمسكون بضرورة الحفاظ على حرية حيازة السلاح في البلاد، فيما يرى مراقبون أن تلك المواقف تعود إلى سطوة شركات السلاح ولوبياتها السياسية أيضاَ.