في خطوة تحمل الكثير من علامات الاستفهام، أقدمت السلطات التركية، أمس الأحد، على إغلاق مقر للمعارضة السورية في العاصمة أنقرة يتبع لـ”الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية” المعروف بـ”الائتلاف السوري” والمدعوم من تركيا منذ تأسيسه قبل سنوات.
فما الذي تغيّر حتى اتخذت أنقرة هذا القرار المفاجئ؟ وهل لذلك علاقة بوجود رغبة تركية في إعادة العلاقات مع النظام السوري؟
في هذا السياق، بررت مصادر تركية مطلعة لـ”العربية.نت” إغلاق مكتب “الائتلاف” في أنقرة بمحاولة السلطات تخفيض الميزانية المالية المخصصة للائتلاف المدعوم تركياً، لا سيما مع وجود مقر آخر له في اسطنبول، بالإضافة لمقر رئيسي لما يسمى “الحكومة السورية المؤقتة” التي شُكلت قبل سنوات بدعم تركي أيضاً ويرأسها عبدالرحمن مصطفى الذي يتمتع بعضوية “الائتلاف” عن “المجلس التركماني السوري”.
وإلى جانب تخفيض الميزانية التي تخصصها أنقرة للائتلاف، كشفت المصادر نفسها عن سبب آخر لدى أنقرة ويتمثل في رغبتها بالتخلي كلياً عن هذا التكتل وإسناد كل مهامه تدريجياً لـ”الحكومة السورية المؤقتة”. ولفتت إلى أن ذلك يأتي بالتزامن مع محاولة شخصيات سورية معارضة تأسيس كيان آخر سيقوده رئيس الوزراء السوري الأسبق رياض حجاب، وسيكون منافساً للائتلاف الذي ينوي أعضاء فيه الانتساب للتكتل الجديد.
كما أن السلطات التركية تفضّل التمسك برئيس “الحكومة السورية المؤقتة” عبدالرحمن مصطفى بدلاً من “الائتلاف”، لكونه ينحدر من الأقلية التركمانية في سوريا ويُعرف عنه ولاؤه التام لحزب “العدالة والتنمية” الحاكم وزعيمه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأمر الذي كان سبباً أساسياً في إغلاق مكتب “الائتلاف” في أنقرة وتوكيل مهامه للحكومة التي يقودها مصطفى من مدينة غازي عينتاب التركية الواقعة جنوب البلاد على الحدود مع سوريا، بحسب المصادر ذاتها.
وعلاوة على الأسباب المالية وتفضيل شخصيات على أخرى، لدى الحكومة التركية التي يقودها حزب “العدالة والتنمية” بالتحالف مع حزب “الحركة القومية” اليميني، أهداف أخرى خلف قرار إغلاق مكتب “الائتلاف” في أنقرة وتتعلق بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي ستشهدها تركيا في يونيو من العام المقبل.
لاسيما أن مهمة هذا المكتب الأساسية كانت تتمثل في تنسيق شؤون اللاجئين السوريين على الأراضي التركية. وكان قد افتتح عام 2016 ويرأسه أحمد بكوره، عضو “الائتلاف” الذي ينحدر من محافظة دمشق.
إلى ذلك استبعد محللون في الشؤون التركية أن يكون إغلاق مكتب “الائتلاف” قد تم على خلفية رغبة أنقرة في إعادة العلاقات الدبلوماسية مع النظام السوري لا سيما أنها تحتاج لـ”الائتلاف” حتى الآن لتوفير “شرعية” لتدخلها العسكري في شمال غربي سوريا وشرقها.
من جهته، قال خورشيد دلي، الخبير في الشؤون التركية لـ”العربية.نت” إن “إغلاق مكتب الائتلاف مؤخراً في العاصمة أنقرة لا يُعبّر عن تغيير في سياسات أنقرة الخارجية، إنما هو متعلق بمصلحة انتخابية فقط”، وذلك لاقتراب الانتخابات الحاسمة التي ستشهدها تركيا العام المقبل.
كما أضاف دلي أن “الحزب الحاكم في تركيا سيوظف هذه الخطوة انتخابياً لتخفيف غضب أنصاره من وجود اللاجئين السوريين في بلادهم، وبالتالي فإن الهدف من إغلاق المكتب هو إرضاء ناخبيه والتخلص من تأثير اللاجئين على تراجع شعبيته خصوصاً أنه كان ينسق شؤونهم ومشاكلهم مع وزارة الداخلية التركية”.
يشار إلى أن الحكومة التركية تستعد في الوقت الحالي لعقد مؤتمر حول مسألة إعادة اللاجئين السوريين في البلاد والبالغ عددهم أكثر من 3 ملايين، إلى سوريا، وذلك بحسب تصريحات لوزير الخارجية مولود تشاووش أوغلو الذي أعلن مطلع الشهر الحالي أن بلاده تعمل مع الأردن من أجل عودة طوعية للاجئين، لكنه لم يكشف عن موعد عقد المؤتمر.
وكانت السلطات التركية قد أغلقت المكتب في أنقرة على نحو مفاجئ، فيما لم يصدر أي بيان رسمي من “الائتلاف” للتعليق على أسباب إغلاق مكتبه، لكن مصادر مقربة منه أكدت الخبر دون تقديم مزيد من التفاصيل.
وينشط “الائتلاف” السوري المعارض لرئيس النظام بشار الأسد من تركيا، ولديه عدة مكاتب تمثيلية في عدد من مدنها بينها إسطنبول.