قدم الرئيس بوتين العديد من الحجج كمبرر لعملية الهجوم على أوكرانيا حيث ادعى أن هدفه من العملية العسكرية هو حماية الأشخاص الذين “يتعرضون للتنمر والإبادة الجماعية”، وأنه يسعى إلى “نزع السلاح والأفكار النازية” من أوكرانيا.
وبينما ترتفع حصيلة القتلى، يواجه بوتين اتهامات بأنه يهدد السلام في أوروبا. ما يحصل في الأيام القادمة قد يهدد أمن القارة الأوروبية برمتها.
ويبدو أن إزاحة النظام الحالي وهروب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وحكومته وتسليم السلطة لحكومة موالية لموسكو تمنع انضمام أوكرانيا لحلف الناتو سيكون بداية سحب بوتين لقواته من أوكرانيا لأن البقاء يوما واحدا يكلف الدولة الروسية الكثير.
وفي مقال مطول كتبه في يوليو 2021، أشار بوتين إلى الروس والأوكرانيين على أنهم “شعب واحد”، وأشار إلى أن الغرب أفسد أوكرانيا وأخرجها من فلك روسيا من خلال “تغيير قسري للهوية”.
وظهر هذا النوع من التحريف التاريخي بشكل كامل في خطاب بوتين الذي وجهه الاثنين الماضي وأعلن فيه عن قراره الاعتراف بدونيتسك ولوغانسك، بينما ألقى بظلال من الشك على سيادة أوكرانيا.
لكن الأوكرانيين، الذين سعوا في العقود الثلاثة الماضية إلى التحالف بشكل أوثق مع المؤسسات الغربية مثل الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، رفضوا فكرة أنهم ليسوا أكثر بقليل من “دمية” الغرب.
في الواقع، قوبلت جهود بوتين لإعادة أوكرانيا إلى المدار الروسي برد فعل عكسي، حيث أظهرت العديد من استطلاعات الرأي الأخيرة أن غالبية الأوكرانيين يفضلون الآن عضوية حلف الناتو الذي تقوده الولايات المتحدة.
في ديسمبر، قدم بوتين للولايات المتحدة وحلف الناتو قائمة بالمطالب الأمنية. كان من أهمها ضمان عدم انضمام أوكرانيا إلى الناتو أبدًا وأن التحالف سيتراجع عن تواجده العسكري في شرق ووسط أوروبا.
وأشار بوتين إلى أنه غير مهتم بإجراء مفاوضات مطولة حول هذا الموضوع. وقال في مؤتمره الصحفي السنوي أواخر العام الماضي: “أنتم من يجب أن تقدموا لنا الضمانات، وعليكم أن تفعلوا ذلك على الفور، الآن”. وأضاف: “هل ننشر صواريخ بالقرب من حدود الولايات المتحدة؟ لا، لا نفعل. إن الولايات المتحدة هي التي تأتي إلينا بصواريخها وهي واقفة بالفعل على أعتابنا”.
اختتمت المحادثات رفيعة المستوى بين الغرب وروسيا في يناير دون أي تقدم. دفعت المواجهة قادة أوروبا إلى الانخراط في جولات من الدبلوماسية المكوكية، واستكشاف ما إذا كانت قناة التفاوض التي تم إنشاؤها بين فرنسا وألمانيا وروسيا وأوكرانيا لحل النزاع في شرق أوكرانيا، المعروفة باسم محادثات صيغة نورماندي، يمكن أن توفر وسيلة تهدئة للأزمة الحالية.