مع نهاية الحرب العالمية الثانية، تزايدت مخاوف القائد السوفيتي جوزيف ستالين من إمكانية تعرضه لعملية اغتيال. وفي خضم هذه الأحداث، تخوّف ستالين من المقربين والمحيطين به الذين شكك في سعيهم لإزاحته من السلطة.
إضافة للمارشال جوكوف الذي لقي معاملة لا تليق ببطل الحرب العالمية الثانية، اتجه ستالين لملاحقة الأطباء ببلاده. ومن ضمن هؤلاء المتهمين، تواجد الطبيب الخاص للقائد السوفيتي الذي وجهت إليه تهمة محاولة تسميم ستالين. وانطلاقا من ذلك، برزت للعالم قضية المعاطف البيضاء التي أفرغت الاتحاد السوفيتي من خيرة أطبائه.
خلال الفترة التي تلت هزيمة الألمان ونهاية الحرب على الساحة الأوروبية، أمر ستالين بعدم الإشارة لعمليات الإبادة التي تعرض لها اليهود على يد النازيين مؤكدا على ضرورة تصنيفها كجرائم ارتكبها الفاشيون في حق المواطنين السوفييت. ومع إعلان قيام إسرائيل سنة 1948، عبّر ستالين عن قلقه الشديد من التقارب الأميركي الإسرائيلي. وخلال أحد تصريحاته للمكتب السياسي، وصف ستالين الصهاينة بعملاء الولايات المتحدة الأميركية داخل الأراضي السوفيتية مطالبا بمراقبتهم عن كثب.
يوم 13 يناير 1953، فجرت صحيفة البرافدا (Pravda) السوفيتية قنبلة بإعلانها عن وجود مؤامرة بالبلاد وقف وراءها أطباء يهود. وقد وجه المقال الذي نشرته البرافدا أصابع الاتهام لتسعة أطباء، كان من ضمنهم 6 يهود، بالكرملين واتهمتهم بقتل كل من المسؤول الثقافي والعضو البارز بالحزب الشيوعي أندري جدانوف (Andrei Zhdanov) عام 1948 والعضو بالمكتب السياسي ألكسندر شيرباكوف (Aleksandr Shcherbakov) سنة 1945. أيضا، اتهم هؤلاء الأطباء بالتخطيط لقتل عدد من كبار الجنرالات ومسؤولين سوفييت بارزين عمل بعضهم في وقت سابق لصالح المفوضية الشعبية للشؤون الداخلية.
خلال الفترة التالية، تمكن المحققون السوفييت من انتزاع اعترافات من الأطباء المعتقلين الذين قبلوا تحت وطأة التعذيب بجميع التهم الموجهة إليهم. وفي الأثناء، توسعت دائرة الاعتقالات بالبلاد لتطال المئات من الأطباء والصيدليين الذين واجهوا عقوبات قاسية تراوحت بين الإعدام ومراكز العمل القسري بالمناطق النائية من الاتحاد السوفيتي.
من خلال قضية المعاطف البيضاء، حاول ستالين البدء بعملية ممنهجة ضد اليهود المقيمين على الأراضي السوفيتية. وفي الأثناء، أثارت عملية اعتقال الأطباء قلق المجتمع الدولي الذي طالب ستالين بإطلاق سراحهم حيث راسل كل من ونستون تشرشل وألبرت أينشتاين القيادة السوفيتية للاحتجاج عن الأمر. وإضافة للولايات المتحدة الأميركية، عبرت إسرائيل عن غضبها وقلقها من العمليات السوفيتية ضد اليهود.
وعقب استهداف البعثة السوفيتية بتل أبيب خلال شهر شباط/فبراير 1953، أقدم الاتحاد السوفيتي على قطع علاقاته الدبلوماسية مع إسرائيل.
إلى ذلك، عرفت قضية المعاطف البيضاء نهايتها عقب وفاة جوزيف ستالين، يوم 5 آذار/مارس 1953، الذي لم يحظ برعاية صحية جيدة بسبب قيامه بسجن عدد هام من كبار أطباء الكرملين في وقت سابق. ومع استلامهم للحكم عقب رحيل ستالين، أعلن القادة الجدد للاتحاد السوفيتي عن وقف قضية المعاطف البيضاء مؤكدين على بطلانها.