رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي سعر الفائدة الرئيسي يوم الأربعاء، بمقدار 50 نقطة أساس، كخطوة أكثر عدوانية حتى الآن في معركته ضد ارتفاعات التضخم. وقام عدد من البنوك المركزية في الدول العربية برفع أسعار الفائدة من بينها السعودية، والإمارات، والكويت، والبحرين، وقطر، والأردن.
ومن المقرر أن يجتمع البنك المركزي المصري في 16 مايو الجاري، لمناقشة السياسة النقدية بما في ذلك رفع أسعار الفائدة.
جاء قرار المركزي الأميركي لمحاربة التضخم المرتفع، حيث سجل 8.5% في مارس الماضي، بدفع من نقص المعروض من السلع بسبب مشاكل سلاسل التوريد سواء نتيجة إغلاقات كوفيد في الصين، أو الحرب الأوكرانية وتأثيرها على أسعار العديد من السلع الأساسية من الغذاء إلى الطاقة.
وتمثل أسعار الفائدة أحد أسلحة البنوك المركزية في كبح جماح التضخم، عبر امتصاص فوائض السيولة من الاقتصاد وتقويض الطلب.
إلا أن رفع الولايات المتحدة لأسعار الفائدة يعني الكثير بالنسبة لاتجاه حركة رؤوس الأموال حول العالم.
من المتوقع أن يكون لقرار رفع 5 دول خليجية بالإضافة إلى الأردن لأسعار الفائدة، تأثير واضح على المحفظة الشخصية لمواطنيها، والبداية المتوقع ستكون على تكلفة الاقتراض الجديد.
وبالتالي فإن احتياجاتك التمويلية ستكون أكثر تكلفة في الوقت الراهن، وخاصة القروض بفائدة ثابتة، إذ إنها تحمل في طياتها مخاطر أعلى بالنسبة للممولين من البنوك وشركات التمويل، مع احتمالية رفع جديد في أسعار الفائدة.
كما أن القروض القائمة بأسعار فائدة متغيرة سواء كانت قروض تمويل عقاري أو تمويل سيارة، فإنها هي الأخرى ستشهد ارتفاعاً وعليك مراجعة قروضك في هذه الأوقات والتواصل مع الجهة الممولة لقروضك لمعرفة حجم التأثير على ميزانيتك الشخصية.
وتعني القروض بفائدة متغيرة (متحركة): القروض التي تتكون من شقين، أحدهما ثابت وهو هامش الفائدة التي يحصل عليها البنك الممول وتختلف من بنك لآخر وحسب كل عميل وجدارته الائتمانية، بالإضافة إلى شق متغير وهو سعر الفائدة الرسمي المعلن من البنك المركزي.
ليس هذا فحسب، فمع ارتفاع أسعار الفائدة، تصبح تكلفة تمويل الأنشطة الاقتصادية أعلى، وتقل الجدوى الاقتصادية للعديد من المشروعات، إذ يلجأ المستثمرون لاستثمار أموالهم في الأوعية ذات العائد الثابت والخالية من المخاطر، مع ضبابية المشهد الاقتصادي ووجود عائد أعلى من البنوك، وهو ما قد يؤثر على كافة الأنشطة الاقتصادية.
وفي أغلب الأحيان ترتفع الودائع المصرفية بصورة كبيرة مع ارتفاع أسعار الفائدة، وهو الأمر الذي قد يقلل من المعروض النقدي ويقود الأسعار للهبوط مرة أخرى وبالتالي مستويات التضخم، حسب مدى سرعة الاستجابة لقرارات الفائدة.
على الجانب الآخر، يعتمد الكثير من المحللين على ما يعرف بـ “سعر العائد الخالي من المخاطر” – أو سعر الفائدة على أذون وسندات الخزانة – في تقييم أسهم الشركات، إذ يتم خصم التدفقات النقدية المستقبلية للشركات بسعر فائدة أعلى لاحتساب القيمة الحالية لتلك الأموال، وبالتالي كلما ارتفع معدل الخصم (مرادف سعر الفائدة) بنسبة أكبر كلما قلت القيمة الحالية للتدفقات النقدية المستقبلية وبالتالي تقييم أقل للأسهم.
ومن المتوقع أن تبدأ العديد من المراكز البحثية وبنوك الاستثمار في تعديل توصياتها وقيمها المستهدفة للشركات التي تغطيها.
وبشكل مغاير لتلك الصورة، فإن أسهم البنوك عادة ما تشهد ارتفاعا بسبب هامش صافي الفائدة، والذي يتحرك إيجابياً مع ارتفاع أسعار الفائدة.
مع رفع الفيدرالي الأميركي لأسعار الفائدة، فإن العديد من البنوك المركزية العالمية باتت مجبرة على اتباع خطاه، إذ أنه حتى ولو لم تكن معدلات التضخم المسجلة لديها مرتفعة بصورة تدعو لزيادة أسعار الفائدة، فقد تكون مضطرة إلى هذا القرار إما للحفاظ على تدفقات رؤوس الأموال القادمة إليها نتيجة المنافسة مع أسعار عائد أعلى تقدمها سندات الخزانة الأميركية، أو لارتباط عملتها بصورة مباشرة بالدولار، وبالتالي ضرورة المحافظة على أسعار الصرف مع الدولار والمتوقع أن يشهد ارتفاعا كبيرا بالمقارنة مع العديد من العملات.
وسجل الدولار الأميركي أعلى مستوياته منذ الأزمة المالية العالمية خلال الشهر الماضي، قبل أن يتراجع قليلاً عقب قرار رفع الفائدة، إلا أن التوقع الأقرب هو المزيد من ارتفاع أسعار الدولار مقابل العملات العالمية، خاصةً عملات الأسواق الناشئة.
بدورها، أعلنت 5 بنوك مركزية خليجية رفع أسعار الفائدة 50 نقطة أساس، وهي: السعودية، والكويت، والبحرين، والإمارات، وقطر، مع ارتباط عملاتها بالدولار، رغم قراءات التضخم التي كانت أقل بصورة كبيرة عن مثيلتها في الولايات المتحدة.
وعزت البنوك قراراتها إلى ارتفاع معدلات التضخم العالمي، وتجنيب اقتصاداتها صدمات تضخمية مستوردة من ارتفاع أسعار السلع العالمية والطاقة.