سجّل أسبوع باريس للموضة مواقف واضحة اتخذتها بعض دور الأزياء العالميّة من الاجتياح الروسي لأوكرانيا. وقد تحرّك عمالقة الموضة لدعم الشعب الأوكراني بمساعدات ماديّة وعينيّة بالإضافة إلى مقاطعة الأسواق الروسيّة، فما هي أبرز الخطوات التي تمّ اتخاذها في هذا المجال؟
بدا لافتاً الموقف المتضامن مع أوكرانيا الذي اتخذه على هامش أسبوع الموضة الباريسي كل من أوليفييه روستينغ، المدير الإبداعي لدار Balmain، وديمنا غفاساليا، مصمّم دار Balenciaga. وقد عبّرا عنه عبر صفحاتهما على مواقع التواصل الاجتماعي، فكتب روستينغ في صفحته على موقع “إنستغرام” التي يتابعها أكثر من 7,5 مليون شخص: “أفكارنا وصلواتنا ترافق الشعب الأوكراني، فكرامة أفراده، ومرونتهم، وتفانيهم في سبيل الحرية شكّلت مصدر إلهام لنا”. وهو أرفق هذه الرسالة بنشر صورة للطبيعة تتلوّن بالأصفر والأزرق تجسّد ألوان العلم الأوكراني. كما أعلن عن تقديم هبة إلى صندوق الطوارئ التابع لوكالة الأمم المتحدة التي تهتم باللاجئين الأوكرانيين، ودعا متابعيه إلى تقديم المساعدة في هذا المجال، خاصةً مع ارتفاع عدد النازحين من أوكرانيا منذ بدء المعارك إلى حوالي مليون شخص.
وكان المصمم الجورجي ديمنا غفاساليا، الذي يشغل منصب المدير الإبداعي في دار Balenciaga، أول من ندّد بالاعتداء الروسي على أوكرانيا عبر صفحته على موقع إنستغرام من خلال وضع صورة للعلم الأوكراني. وهو قام بتقديم هبة لدعم برنامج التغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، والذي يهتمّ حالياً بتقديم المساعدات الإنسانيّة لللاجئين الأوكرانيين.
الدعم الأكبر جاء من جانب مجموعة LVMH، المعروفة بكونها العملاق الفرنسي في مجال السلع الفاخرة. وهي أعلنت في بيان لها عن تحرّك طارئ تنظّمه خليّة أزمة لتأمين سلامة 150 من المتعاونين معها في أوكرانيا الإضافة إلى مدّهم بالدعم المادي والعملي. وكانت المجموعة أعلنت أيضاً عن التبرّع بمبلغ 5ملايين يورو لصالح الصليب الأحمر الدولي بهدف مساعدة ضحايا هذا النزاع، ودعت جميع موظّفيها إلى التبرّع كلاً حسب إمكانياته لهذه المؤسسة الإنسانيّة. وقد حوّلت المجموعة تبرعات صندوق Heart Fund، الذي تمّ إنشاؤه عام 2021، لدعم المتعاونين معها الذين تأثروا مباشرةً بهذه الأزمة.
وكانت النسخ الأوكرانيّة من مجلاّت الموضة العالميّة وتحديداً Vogue، وElle، وL’officiel دعت المجموعات العالميّة المتخصصة بالسلع الفاخرة إلى التوقف عن أي تبادل تجاري مع روسيا. أما متاجر Tsum Kyiv الأوكرانيّة العريقة التي تأسست عام 1939 فقد أصدرت بيانا دعت فيه قطاع الموضة إلى التضامن العالمي مع أوكرانيا في مواجهة العدوان الروسي. وقد جاء في البيان: “تملك صناعة الموضة صوتاً قوياً يسمح لها بالتعبير واستخدام نفوذها لإحداث تغيير حقيقي. وفي هذه الأوقات الصعبة والمظلمة التي تمرّ بها أوكرانيا والمجتمع الدولي نطلب منكم الوقوف إلى جانب أوكرانيا لحماية البشريّة ومساعدتنا على وقف الحرب”. ويشغل هذا المتجر مساحة بارزة في أشهر الشوارع التجاريّة بمدينة كييف وقد تمّ إقفاله منذ بداية الأزمة وتحويل طوابقه السفليّة إلى مستشفى ميداني يستقبل ضحايا الحرب. كما دعا القيّمون على هذا المتجر الذي يُعتبر عنواناً أيقونياً للموضة في مدينة كييف إلى التوقّف عن إجراء أي تبادل تجاري مع الأسواق الروسيّة.
من المواقف اللافتة في مجال مقاطعة روسيا بسبب عدوانها على أوكرانيا، نذكر أيضاً موقف مجموعة Net-a-Porter البريطانيّة التي طلبت من جميع منصّات التجارة الإلكترونيّة التابعة لها (Yoox، وThe Outnet، وNet-a-porter، وMr Porter) إيقاف عمليّات تسليم سلعها إلى روسيا، كما أعلنت شركة DHL للبريد السريع عن إيقاف أعمالها باتجاه روسيا وأوكرانيا على السواء. هذا وأعلنت عدة علامات تجاريّة منها Nike، وGanni، وAcne Studio، وAsos، وشركة Best Seller عن إيقاف علاقاتها التجاريّة مع زبائنها وموزّعيها في روسيا. وكان العملاق السويدي H&M أصدر بياناً للإعلان عن التوقف المؤقّت لأعماله التجارية في روسيا علماً أن السوق الروسي يحتل المرتبة السادسة بين أهم الأسواق العالمية بالنسبة إليه. وهو يملك 168 نقطة بيع في روسيا حيث تصل مبيعاته إلى حوالي 730 يورو سنوياً. أما علامة Mango الإسبانيّة فأعلنت أمس الخميس عن إغلاق نقاط البيع الـ 55 التابعة لها في روسيا وإيقاف العمل بموقعها الخاص بالبيع الإلكتروني في البلاد. ومن المنتظر أن نشهد في الأيام المقبلة مزيداً من المقاطعة لروسيا والتضامن من جانب بيوت الأزياء العالميّة مع أوكرانيا.